الملهوف ::: 136 ـ 150
(136)
    قال : ممن الكتاب وإلى من ؟
    قال من الحسين بن علي عليهما السلام إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.
    فغضب ابن زياد وقال : والله لا تفارقني حتى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين وأباه وأخاه ، وإلا قطعتك إرباً إرباً.
    فقال قيس : أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم ، وأما لعن الحسين وأبيه وأخيه فأفعل.
    فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ، وأكثر من الترحم على علي وولده صلوات الله عليهم ، ثم لعن عبيدالله بن زياد وأباه ، ولعن عتاة بني أمية عن آخرهم.
    ثم قال : أيها الناس ، أنا رسول الحسين بن علي عليهما السلام إليكم ، وقد خلفته بموضع كذا وكذا ، فأجيبوه.
    فأخبر ابن زياد بذلك (206) ، فأمر بإلقائه من أعلا القصر ، فألقي من هناك ، فمات رحمة الله.
    فبلغ الحسين عليه السلام موته ، فاستعبر باكياً ثم قال : « اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك إنك على كل شيءٍ قدير ».
    وروي أن هذا الكتاب كتبه الحسين عليه السلام من الحاجز (207) ، وقيل : غير ذلك.
(206) بذلك ، لم يرد في ر.
(207) في إرشاد المفيد 2/70 : من الحاجز من بطن الرمة.
    وفي مراصد الاطلاع 2/634 : بطن الرمة منزل يجمع طريق البصرة والكوفة إلى المدينة.
    وفي معجم البلدان 1/666 : بطن الرمة واد معروف بعالية نجد ، وقال ابن دريد : الرمة قاع عظيم بنجد تنصب إليه أوديه.


(137)
    قال الراوي (208) : وسار الحسين عليه السلام حتى صار على مرحلتين من الكوفة ، فاذا (209) بالحر بن يزيد (210) في ألف فارس.
    فقال له الحسين عليه السلام : « ألنا أم علينا ؟ »
    فقال : بل عليك يا أبا عبدالله.
    فقال : « لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ».
    ثم تراد القول بينهما ، حتى قال له الحسين عليه السلام : « فإذا كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم ، فإني أرجع إلى الموضع الذي أتيت منه ».
    فمنعه الحر وأصحابه من ذلك ، وقال : لا ، بل خذ يا بن رسول الله طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يوصلك إلى المدينة لأعتذر إلى ابن زياد بأنك خالفتني الطريق.
    فتياسر الحسين عليه السلام ، حتى وصل إلى عذيب الهجانات (211).
(208) الراوي ، لم يرد في ر.
(209) ر : وإذاً.
(210) الحر بن يزيد بن ناجيه بن سعيد من بني رياح بن يربوع ، من الشخصيات البارزة في الكوفة ، قائد من أشراف تميم ، أحد أمراء الجيش الأموي في كربلاء ، وكان يقود ربع تميم وهمدان ، التقى مع الحسين عليه السلام عند جبل ذي حسم ، تاب قبل نشوب المعركة لما أقبلت خيل الكوفة تريد قتل الحسين وأصحابه وأبى أن يكون منهم ، فانصرف إلى الحسين ، فقاتل بين يديه قتالاً عجيباً حتى قتل.
    تاريخ الطبري 5/422 و 400 و 427 ، تسمية من قتل مع الحسين : 153 ، رجال الشيخ : 73 ، البداية والنهاية 8/172 ، الكامل في التاريخ 4/19 ، أنصار الحسين : 84 ـ 85 ، الأعلام 2/172.
(211) عذيب الهجانات قريب من عذيب القوادس ، وعذيب القوادس ماء بين القادسية والمغيثه ، بينه وبين القادسية أربعة أميال ، وقيل : غير ذلك.
    معجم البلدان 4/92.


(138)
    قال : فورد كتاب عبيدالله بن زياد إلى الحر يلومه في أمر الحسين عليه السلام ، ويأمره بالتضييق عليه.
    فعرض له الحر وأصحابه ومنعوه من المسير.
    فقال له الحسين عليه السلام : « ألم تأمرنا بالعدول عن الطريق ؟ »
    فقال الحر : بلى ، ولكن كتاب الأمير عبيدالله بن زياد قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك ، وقد جعل علي عيناً يطالبني بذلك.
    قال الراوي (212) : فقام الحسين عليه السلام خطيباً في أصحابه ، فحمدالله وأثنى عليه وذكر جده فصلى عليه ، ثم قال : « إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإن الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت جذاء ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما ».
    فقام زهير بن القين ، فقال : لقد سمعنا هدانا الله بك يابن رسول الله مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثر النهوض معك على الاقامة فيها.
    قال : ووثب هلال بن نافع البجلي (213) ، فقال : والله ما كرهنا لقاء ربنا ، وإنا
(212) قال الرواي ، لم يرد في ر.
(213) ظاهراً هو نفسه نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي ، ويخطئ من يعبر عنه : البجلي ، كان سيداً شريفاً شجاعاً قارءاً من حملة الحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين ، وحضر معه حروبه الثلاثة في العراق ، وخرج إلى الحسين فلقيه في الطريق ، وأخباره في واقعة الطف كثيرة ، ذكرت في المقاتل.
    إبصار العين : 86 ـ 89 ، الطبري 6/253 ، ابن الأثير 4/29 ، البداية 8/184.


(139)
على نياتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
    قال : وقام برير بن حصين (214) ، فقال : والله يابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضاؤنا ، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة.
    قال : ثم أن الحسين عليه السلام قام (215) وركب ، وصار كلما أراد المسير يمنعونه تارةً ويسايرونه أخرى ، حتى بلغ كربلاء ، وكان ذلك في اليوم الثاني (216) من المحرم.
    فلما وصلها قال : « ما اسم هذه الأرض ؟ »
    فقيل : كربلا.
    فقال : « انزلوا ، هاهنا والله محط ركابنا وسفك دمائنا ، هاهنا والله مخط قبورنا ، وهاهنا والله سبي حريمنا ، بهذا حدثني جدي (217) ».
    فنزلوا جميعاً ، ونزل الحر وأصحابه ناحية ، وجلس الحسين عليه السلام يصلح سيفه ويقول :
(214) ع : خضير.
    وفي بعض المصادر : بدير بن حفير ، والظاهر أن خضير هو الأولى.
    هو سيد القراء ، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القراءة في جامع الكوفة ، وله في الهمدانيين شرف وقدر ، وكان مشهوراً ومحترماً في مجتمع الكوفة ، وهو همداني من شعب كهلان موطنه الكوفة ، بذل محاولة لصرف عمر بن سعد عن ولائه للسلطة الأموية.
    تاريخ للطبري 5/421 و 423 و 432 ، معجم رجال الحديث 3/289 ، المناقب 4/100 ، البحار 45/15.
(215) ر : نزل.
(216) ب : الثامن.
(217) ع : فقيل كربلا ، فقال عليه السلام : اللهم إني أعوذبك من الكرب والبلاء ، ثم قال : هذا موضع كرب وبلاء.
    انزلوا ، هاهنا محط رحالنا ومسفك دمائنا وهنا محل قبورنا ، بهذا حدثني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله.


(140)
« يا دهر أفٍّ لك من خليل من طالبٍ وصاحبٍ قتيل وإنما الأمر إلى الجليل ما أقرب الوعد إلى الرحيل كم لك بالإشراق والأصيل والدهر لا يقنع بالبديل وكل حيٍّ فإلى سبيل إلى جنان وإلى مقيل (218) »
    قال الراوي (219) فسمعت زينب ابنت فاطمة عليهما السلام (220) ذلك ، فقالت : يا أخي هذا كلام من قد أيقن بالقتل.
    فقال : « نعم يا أختاه ».
    فقالت زينب : واثكلاه ، ينعى إلي الحسين نفسه.
    قال : وبكى النسوة ، ولطمن الخدود ، وشققن الجيوب.
    وجعلت أم كلثوم (221) تنادي : وامحمداه واعلياه واأماه وافاطمتاه واحسناه
(218) ع :
وكل حي سالك سبيل ما أقرب الوعد من الرحيل
وإنما الأمر إلى الجليل
(219) الراوي ، لم يرد في ر.
(220) زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام ، عقيلة بني هاشم ، شقيقة الحسن والحسين ، زوجها ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، حضرت مع أخيها الحسين وقعة كربلاء ، حملت مع السبايا إلى الكوفة ، ثم إلى الشام ، كانت صابرة ثابتة الجنان رفيعة القدر فصيحة خطيبة ، توفيت سنة 62 هـ ، وقيل غير ذلك ، دفنت في مصر على أشهر الأقوال.
    الإصابة 8/100 ، نسب قريش : 41 ، الطبقات 8/341 ، الأعلام 3/67.
    ولزيادة الإطلاع راجع كتاب زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي ، فانه أحسن وأجاد في دراسته عن هذه الشخصية البارزة سيدة النساء بعد أمها الزهراء عليها السلام.
(221) أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وأمها فاطمة عليها السلام ، وهي أخت الحسن والحسين وزينب عقيلة بني هاشم ، ومسألة زواجها من عمر من أشد المسائل اختلافاً بين المسلمين ، وكثيراً ما يقع الخلط


(141)
واحسيناه واضيعتاه بعدك يا أبا عبدالله.
    قال : فعزاها الحسين عليه السلام وقال لها : « يا أختاه تعزي بعزاء الله ، فإن سكان السموات يموتون ، وأهل الأرض لا يبقون ، وجميع البرية يهلكون ».
    ثم قال : « يا أختاه يا أم كلثوم ، وأنت يا زينب ، وأنت يا رقية (222) ، وأنت يا فاطمة (223) ، وأنت يا رباب (224) ، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن علي وجهاً ولا تقلن علي هجراً ».
    وروي من طريق آخر : أن زينب لما سمعت الأبيات ـ وكانت في موضع منفرد عنه مع النساء والبنات ـ خرجت حاسرة تجر ثوبها ، حتى وقفت عليه وقالت :
عند المؤرخين بينهما وبين أختها زينب الكبرى ، لاتحادهما في الكنية.
    راجع من مصادر ترجمتها : أجوبة المسائل السروية : 226 ، الاستغاثة : 90 ، الاستيعاب 4/490 ، أسد الغابة 5/614 ، أعلام النساء المؤمنات : 181 ـ 220 ، وذكر فيه الكثير من مصادر ترجمتها.
(222) لم يذكرها المؤرخون ، وذكرها السيد الأمين في الأعيان 7/34 قائلا : ينسب لها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق ، الله أعلم بصحته ، جدده الميرزا علي أصغر خان وزير الصدارة في ايران عام 1323هـ ...
(223) فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام ، تابعية من روايات الحديث ، روت عن جدتها فاطمة مرسلاً وعن أبيها ، حملت إلى الشام مع أختها سكينة وعمتها زينب وأم كلثوم ، قيل : عادت إلى المدينة فتزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي ، ومات عنها فتزوجها عبدالله بن عمرو بن عثمان ، ومات فأبت الزواج إلى أن توفيت سنة 110 هـ.
    الطبقات 8/347 ، مقاتل الطالبيين : 119 و 120 و 202 و 237 ، الأعلام 5/130.
(224) الرباب بنت امرئ القيس بن عدي ، زوجة الحسين السبط الشهيد ، كانت معه في وقعة كربلاء ، وبعد استشهاده جيء بها مع السبايا إلى الشام ، ثم عادت إلى المدينة ، فخطبها الأشراف ، فأبت ، وبقيت بعد الحسين سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً ، وكانت شاعرة لها رثاء في الحسين عليه السلام.
    المحبر 3/13 ، أعلام النساء 1/378 ، الأعلام النساء 1/378 ، الأعلام 1/378.


(142)
واثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت أمي فاطمة الزهراء ، وأبي علي المرتضى ، وأخي الحسن الزكي ، يا خليفة الماضين وثمال الباقين.
    فنظر الحسين عليه السلام إليها وقال : « يا أختاه لا يذهبن حلمك ».
    فقال : بأبي أنت وأمي أستقتل ؟! نفسي لك الفداء.
    فرد غصته وتغرغرت عيناه بالدموع ، ثم قال : « هيهات هيهات ، لو ترك القطا ليلاً لنام ».
    فقالت : يا ويلتاه ، أفتغصب نفسك اغتصاباً ، فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي ، ثم أهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها.
    فقام عليه السلام فصب على وجهها الماء حتى أفاقت ، ثم عزاها عليه السلام بجهده وذكرها المصيبة بموت أبيه وجده صلوات الله عليهم أجمعين.
    ومما يمكن أن يكون سبباً لحمل الحسين عليه السلام لحرمه معه ولعياله : أنه لو تركهن بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية لعنه الله أرسل من أخذهن إليه ، وصنع بهن من الإستيصال وسوء الأعمال ما يمنع الحسين عليه السلام من الجهاد والشهادة ، ويمتنع عليه السلام ـ بأخذ يزيد بن معاوية لهن ـ عن مقام السعادة.


(143)

(1) حال ، لم يرد في ر.

(144)

(145)
    قال الراوي (2) : وندب عبيدالله بن زياد أصحابه إلى قتال الحسين عليه السلام ، فاتبعوه ، واستخف قومه فأطاعوه ، واشترى من عمر بن سعد آخرته بدنياه ودعاه إلى ولاية الحرب فلباه ، وخرج لقتال الحسين عليه السلام في أربعة (3) آلاف فارس ، وأتبعه ابن زياد بالعساكر ، حتى تكاملت عنده إلى ست ليال خلون من المحرم عشرون ألفاً ، فضيق على الحسين عليه السلام حتى نال منه (4) العطش ومن أصحابه.
    فقام عليه السلام واتكى على قائم (5) سيفه ونادى بأعلى صوته ، فقال : « أنشدكم الله هل تعرفونني ؟ »
    قالوا : اللهم نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة ابنت محمد ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب ؟ »
(2) الراوي ، لم يرد في ر.
(3) أربعة ، لم يرد في ر.
(4) ر : من.
(5) قائم ، لم يرد في ر.


(146)
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد (6) أول نساء هذه الأمة إسلاماً ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن حمزة (7) سيد الشهداء عم أبي ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيار (8) في الجنة عمي ؟ »
(6) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى ، من قريش زوج رسول الله صلى الله عليه وآله الأولى ، وكانت أسن منه ، بخمس عشرة سنة ، ولدت بمكة ، كانت ذا مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام ، تستأجر الرجال ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله الخامسة والعشرين من عمره خرج في تجارة لها فعاد رابحاً ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل النبوة ، دعاها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام ، فكانت أول نساء هذه الأمة إسلاماً ، وكانت تصلي مع النبي صلى الله عليه وآله سراً ، توفيت خديجة بمكة لثلاث سنين قبل الهجرة.
    الطبقات الكبرى 8/7 ـ 11 ، الإصابة قسم النساء ، صفة الصفة 2/2 ، تاريخ الخميس 1/301 ، الأعلام 2/302.
(7) حمزة ، لم يرد في ر.
    وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم أبو عمارة ، سيد الشهداء ، استشهد سنة 3 هـ ، عم النبي صلى الله عليه وآله ، أحد صناديد قريش وسادتهم في الجاهلية والاسلام ، هاجر مع النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، حضر وقعة بدر وغيرها ، قتل يوم أحد ودفن في المدينة.
    تاريخ الاسلام 1/99 ، صفة الصفوة 1/144 ، الأعلام 2/278.
(8) جعفر بن أبي طالب عليه السلام ، يكنى أبا عبدالله ، صحابي هاشمي من شجعانهم ، أول قتيل من الطالبيين في الإسلام ، ويكنى أبا المساكين أيضاً ، وجعفر هو الثالث من ولد أبيه بعد طالب وعقيل ، وبعد جعفر علي عليه السلام ، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، استشهد سنة 8 هـ ، حضر وقعة مؤتة ، فنزل عن فرسه وقاتل ، ثم حمل الراية وتقدم صفوف المسلمين ، فقطعت يمناه ، فحمل الراية باليسرى ، فقطعت أيضاً ، فاحتضن الراية إلى صدره وصبر حتى وقع شهيداً وفي جسمه نحو تسعين


(147)
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلى الله عليه وآله أنا متقلده ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلى الله عليه وآله أنا لا بسها ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « أنشدكم الله هل تعلمون أن علياً عليه السلام كان أول الناس إسلاماً وأجزلهم (9) علماً وأعظمهم حلماً وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة ؟ »
    قالوا : اللهم نعم.
    قال : « فبم تستحلون دمي وأبي صلوات الله عليه الذائد عن الحوض غداً ، يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر على الماء ، والواء الحمد بيد أبي يوم القيامة ؟!! »
    قالوا : قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشاً !!!
    فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وندبن ولطمن (10) وارتفعت أصواتهن.
طعنة ورمية.
    مقاتل الطالبيين 6/18 ، البداية والنهاية 4/255 ، تهذيب التهذيب 2/98 ، أسد الغابة 1/286 ، الإصابة 1/237 ، الطبقات الكبرى 4/22 ، حلية الأولياء 1/114 ، صفوة الصفوة 1/205 ، الأعلام 2/125.
(9) ع : كان أول القوم إسلاماً وأعلمهم.
(10) وندبن ولطمن ، لم يرد في ر.


(148)
    فوجه إليهن أخاه العباس (11) وعلياً (12) ابنه وقال لهما : « سكتاهن فلعمري ليكثرون بكاؤهن ».
    قال الراوي (13) : وورد كتاب عبيدالله على عمر بن سعد يحثه على القتال وتعجيل النزال ، ويحذره من التأخير والإمهال ، فركبوا نحو الحسين عليه السلام.
    وأقبل شمر بن ذي الجوشن (14) لعنه الله فنادى : أين بنو أختي
(11) العباس بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد العامري ، وهو أكبر ولدها ، ويكنى أبا الفضل ، كان وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض ، يقال له قمر بني هاشم وهو السقاء ، كان لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل ، هو آخر من قتل من اخوته لأمه وأبيه ، قتله زيد بن رقاد الجنبي وحكيم بن الطفيل الطائي النبسي ، وكلاهما ابتلي في بدنه.
    مقاتل الطالبيين : 84 ـ 85 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 76 ، أنصار الحسين : 131 وقال : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.
(12) علي بن الحسين الأكبر ، يكنى أبا الحسن ، من سادات الطالبيين وشجعانهم ، أمه ليلى بنت أبي مرة ( قرة ) بن عروة ( عمرو ) بن مسعود بن مغيث ( معبد ) الثقفي ، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب ، كان له من العمر سبع وعشرون سنة ، وردت رواية أنه كان متزوجاً من أم ولد ، هو أول من قتل من بني هاشم ، طعنه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي وهو يحوم حول أبيه ويدافع عنه ويقيه ، وانهال أصحاب الحسين على مرة فقطعوه بأسيافهم ، قيل : مولده في خلافة عثمان ، وسماه المؤرخون الأكبر تمييزاً له عن أخيه زين العابدين علي الأصغر.
    مقاتل الطالبيين : 8 ـ 81 ، الطبقات 5/156 ن تسمية من قتل مع الحسين : 150 ، رجال الشيخ : 76 وفيه : علي بن الحسين الأصغر ، نسب قريش : 57 ، البداية والنهاية 8/185 ، الأعلام 4/277 ، أنصار الحسين : 129 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والخوارزمي والمسعودي.
(13) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر.
(14) شمر بن ذي الجوشن ـ واسمه شرحبيل ـ بن قرط الضبابي الكلابي ، ابو السابغة ، من كبار قتلة


(149)
عبدالله (15) وجعفر (16) والعباس وعثمام ؟ (17).
ومبغضي الحسين الشهيد عليه السلام ، كان في أول أمره من ذوي الرئاسة في هوازن موصوفاً بالشجاعة ، وشهد يوم صفين مع علي عليه السلام ، سمعه أبو إسحاق السبيعي يقول بعد الصلاة : اللهم إنك تعلم أني شريف فاغفرلي !!! فقال له : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله ؟! فقال : ويحك كيف نصنع ، إن امراءنا هؤلاء أمرونا بأمرٍ فلم نخالفهم ! ولو خالفناهم كنا شراً من هذه الحمر ؟! ثم أنه لما قام المختار طلب الشمر ، فخرج من الكوفة وسار إلى الكلتانية ـ قرية من قرى خوزستان ـ ففجأه جمع من رجال المختار ، فبرز لهم الشمر قبل أن يتمكن من لبس ثيابه فطاعنهم قليلاً وتمكن منه أبو عمرة فقتله وألقيت جثته للكلاب.
    الكامل في التاريخ 4/92 ، ميزان الاعتدال 1/449 ، لسان الميزان 3/152 ، جمهرة الأنساب : 72 ، سفينة البحار 1/714 ، الأعلام 3/157 ـ 176.
(15) عبدالله بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل خمساً وعشرين سنة ، قال له أخوه العباس : تقدم بين يدي حتى أراك وأحتسبك ... ، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي ، وقيل : رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم وأجهز عليه رجل من بني تميم.
    مقاتل الطالبيين : 82 ، تاريخ الطبري 6/89 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 76 ، أنصار الحسين : 129 ـ 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.
(16) جعفر بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل تسع عشر سنة ، قتله خولي بن يزيد الأصبحي ، وقيل : هاني بن ثبيت الحضرمي.
    مقاتل الطالبيين : 83 ، تسمية من قتل مع الحسين : 149 ، رجال الشيخ : 72 ، أنصار الحسين : 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.
(17) عثمان بن علي بن أبي طالب ، أمه أم البنين بنت حزام ، كان عمره حين قتل إحدى وعشرين سنة ، رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأضعفه ، وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ رأسه ، وعثمان هذا هو الذي روي عن علي عليه السلام أنه قال : إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون ، وفي رواية أخرى عن هبيرة بن مريم قال : كنا جلوساً عند علي عليه السلام ، فدعا ابنه عثمان ، فقال له : يا عثمان ، ثم قال : إني لم اسمه باسم عثمان الشيخ الكافر ، وإنما سميته باسم عثمان بن مظعون.
    مقاتل الطالبيين : 84 ، تسمية من قتل مع الحسين : 150 ، تقريب المعارف : مخطوط ، أنصار الحسين : 130 وفيه : ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والمسعودي والخوارزمي.


(150)
    فقال الحسين عليه السلام : « أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنه بعض أخوالكم ».
    فقالوا له : ما شأنك ؟
    فقال : يا بني أختي أنتم آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية.
    فناداه العباس بن علي : تبت يداك ولعن ماجئت به من أمانك يا عدو الله ، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء أولاد اللعناء.
    فرجع الشمر إلى عسكره مغضباً.
    قال الراوي (18) : ولما رأى الحسين عليه السلام حرص القوم على تعجيل القتال وقلة انتفاعهم بالوعظ (19) والمقال قال لأخيه العباس : « إن استطعت أن تصرفهم عنا في هذا اليوم فافعل ، لعلنا نصلي لربنا في هذه الليلة ، فانه يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه ».
    قال الرواي (20) : فسألهم العباس ذلك ، فتوقف عمر بن سعد ، فقال له عمر (21) بن الحجاج الزبيدي : والله لو أنهم من الترك والديلم وسألوا ذلك لأجبناهم ، فكيف وهم آل محمد ، فأجابوهم إلى ذلك.
    قال الراوي (22) : وجلس الحسين عليه السلام فرقد ، ثم استيقظ وقال (23) : « يا أختاه إني رأيت الساعة جدي محمداً صلى الله عليه وآله وأبي علياً وأمي فاطمة وأخي الحسن
(18) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر.
(19) ع : بمواعظ الفعال.
(20) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر.
(21) ع : عمرو.
(22) لفظ : الراوي ، لم يرد في ر.
(23) ب : قال ، ع : فقال.
الملهوف ::: فهرس