بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم صلّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خالد شاب مجتهد وهو وحيد لأمه، أصرت أمه على أن يتزوج بعد وجد عملاً وفق تخصصه الجامعي..
مرّ وقت ليس بالطويل على زواجه وأصبحت الزوجة تغيّر نظرته تجاه أمه، مع نوع من التحايل والكذب..
وبالفعل صار يجفوها ويتحاشا اللقاء بها.. مع انّها كانت تحرص على توديعه عند ذهابه الى العمل، وهي أول من تستقبله عندما يعود حتى ولو تأخر الوقت تبقى تنتظره عند الباب حتى ولو كان الجو بارداً، مع استثمار وقتها بالحياكة..
وجاء يوم لتقنع الزوجة زوجها بايداع أمه في دار المسنين، معللة له بأن هناك رعاية خاصة وستجد من هم في سنها لتتسلى معهم وتجد سعادتها هناك..
على غير العادة جاء خالد في وقت مبكر من عمله.. واتجه مباشرة الى غرفة والدته، التي لم تصدّق عيناها وهي تراه قد دخل غرفتها التي هجرها منذ فترة طويلة (أي بعد زواجه).. مستقبلة إياه بابتسامة عريضة ملؤها السعادة وهي تظن أنّه قد جاء لزيارتها..
ولكنه من غير يتكلم ذهب الى خزانتها وأخرج حقيبة وملأها بما يلزم من الملابس وما تحتاجه أمه.. وهي تنظر اليه لا تعرف ما يفعله أو يريد بفعله هذا.. قطع صوت خالد ما كانت تفكر به أمه قائلاً لها، لقد وجدت لك سكناً سترتاحين فيه، وسأريحك من رؤيتنا..
ولكن يا ولدي... ومن غير أن تُكمل أمه كلامها، قال لها لقد حُزم الأمر ولا نحتاج الى نقاش فيه..
ومن غير أن تنبس بكلمة أسرع خارجاً حاملاً حقيبتها، وما كان منها إلا أن استسلمت لما قرّره ولدها الحبيب.. حاملة أدوات حياكتها التي لم تتركها من يدها..
وهناك مقابل باحة دار المسنين وقفت السيارة.. فنزلت الأم بعد أن سبقها ابنها الى حمل حقيبتها ووضعها أمام باب الدار.. وعند حديقة الدار كان هناك عدد من المسنين كأنهم كانوا بانتظارها (لعل الأغلب منهم قد مرّ في نفس تلك اللحظات المؤلمة)..
وقبل أن يستقلّ ابنها السيارة.. نادته.. ولدي.. خُذ هذه لك، فقد أنهيت حياكتها اليوم، البسها يا حبيبي فالجو بارد..
وأخذت الأم تجرّ خطواتها الثقيلة نحو دار البؤس والحرمان..
لكن الابن كأنّ صاعقة نزلت عليه.. وأخذت الذكريات تترى عليه.. متصوراً تلك الأيام التي سهرت أمه للعمل من أجل أن يكمل دراسته.. وكيف أنها تعرضت لشتى الآلام وهي تذبل يوماً بعد يوم ليكبر هو ويصل الى طموحه.. كأنّ فيلماً يمرّ أيام عينيه مستذكراً كل أيام حياته..
لقد انتبه في آخر لحظة للجريمة التي كان سيرتكبها بحق أغلى وجود في حياته..
فأسرع مهرولاً الى أمه قبل أن تضع قدمها داخل الدار.. محتضناً إياها بكل كيانه.. جارياً دموعه على كتفيها الدافئتين وكأنّه عاد ذلك الولد الصغير الذي يرتمي بين أحضانها كلّما عاد من المدرسة..
.....................
ملحوظة: هذه القصة مستوحاة من يوتيوب قد رأيته مؤخراً.. عسى أن تكون قد أعجبتكم.. راجياً أن يكون فيها العبرة..
تعليق