إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علاقة الإيمان بكيفية الموت…

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علاقة الإيمان بكيفية الموت…

    بسم الله الرحمن الرحيم



    أودّ أن أقف معكم من خلال هذه السطور القليلة عند حقيقة تكوينية تتعلق ببوّابة عالم الآخرة وهي حقيقة الموت والكيفية التي يكون عليها عند لحظة قبض الروح .


    فمن الواضح نقلا ووجدانا أنّ الإنسان طريد الموت، وأنّ الموت معقود بنواصينا، وأنّه ألزم بنا من ظلّنا، وأنّ الدنيا تُطوى من خلفنا، شئنا ذلك أم ابينا، فهو الأمر المحتوم الذي قضى الله به على سائر خلقه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}(1)، ولكن رغم ذلك إلا أنّ هذه المعاني لا تقع بنحو واحد وصورة واحدة على سائر الخلق.
    فأن تلكم المعاني المعصومة قد أرادت أن تؤكّد مضمون الآية الآنفة الذكر الحاكمة بحقيقة الموت في الحياة الدنيا، ابتداءً من سيد الخلق وأشرفهم الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وانتهاءً بأخر المراتب الوجودية من حيث الشرفية والرتبية.



    فهذا الموت الذي لابدّ منه يتشكّل تبعاً لقالب الأعمال والخصال والملاكات التي توفرّ عليه للإنسان ــ المدعو للاستجابة ــ سواء كانت أعماله وخصاله وملكاته تُمثل أطوار الكمال أو أطوار النقص، أو مزيجاً من هذه وتلك.
    بعبارة أخرى: إنّ الإنسان بحسب صورته الواقعية ــ الباطنية ــ التي تُشكّل بتبع أعماله وملكاته سوف يتشكّل معها صورة الموت وهيأته ، أي: بما يُناسب تلك الهيأة التي رسم ملامحها الإنسان نفسه وخطّ حدودها وأطّر هويتها ستكون هوية وحدود وملامح ملك الموت، هو جار مجرى ما يقدّمه الإنسان.


    بعبارة ثالثة: إنّ الإنسان بما يكون عليه في الحياة الدنيا يُحدّد لنفسه صورة ملك الموت ونوع الخبر الآتي به، فانّ الموت إمّا أن يكون مبشّراً بنعيم أو مبشّراً بعذاب، أو بما هو خليط من هذا وذاك فيكون أمراً مُبهماً.


    عن الإمام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال (عليه السلام) قيل لأمير المؤمنين (عليهما السلام): صف لنا الموت، فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه، وإمّا بشارة بنعيم الأبد، إما بشارة بعذاب الأبد، وإمّا تخزين وتهويل وأمر مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو ...(2).
    وينبغي ان يُعلم أنّ هذا التشكّل التبعي الذي يرسم حدوده الإنسان هو موجود في كلّ آنٍ آن، إلاّ أنّه يأخذ صورته الأخيرة في لحظة الموت.
    فملك الموت هو على استعداد لقبض الأرواح في كلّ آنٍ وما يمنعه من ذلك إلاّ انتظار الأمر، فهو على أهبّة الاستعداد دائماً، ولذا فهو متشكّل بحسب الهيأة التي نحن عليها في كل آنٍ آن، ورؤية ذلك ممكنة جداً لمن لم يحن موعد موته إذا كان قلبه نقياً طاهراً تنعكس فيه تفاصيل الغيب، بل أنّ هذه التفاصيل منعكسة في كلّ قلب دون استثناء مُنذ أوّل لحظة والى آخر لحظة من حياة كل إنسان، ولكن {عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}(3). جرّاء ما اقترفوا من ذنوب.
    عن الامام علي عليه السلام
    (
    الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)

  • #2
    فرؤية عالم الغيب ــ الملكوت ــ ممكنة جداً، بل هي واقعة لكثير من صلحاء هذه الاُمة. عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال (لولا تمزّع(4) قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع)(5) فالمقتضي موجود ولكن المانع غير مرفوع.




    هذا ولا ريب أنّ تشكّل صورة ملك الموت بتبع صورة الإنسان الواقعية ــ الباطنية ــ سوف يعطي عمقاً أكثر وأعظم لاختيارية الإنسان في ما هو عليه وما يؤول إليه، وأيّ اختيار أشدّ من تبعية صورتنا الباطنية لأفعالنا، ومن تبعية صورة ملك الموت لواقعيتنا، فالغيب كائن على أعقاب قلوبنا، فمن رأى رأى وذلك من عزم الأمور، ومن لم ير فقد عُمي من جرّاء الذنوب، فأوصد بابه، وخاب صوابه، وذلك خسران مُبين.
    ومن هنا لنا أن نفهم بوضوح أنّ صورة ملك الموت الواقعية ليست بشعة، بل هي صورة نورانية ملكوتية توسّمت بالكمال فجمعت بين الجمال والجلال، فمن طابت نفسه واعتقاداته وأفعاله جاءه ملك الموت بأجمل وجه وأطيب ريح، ومن خبثت نفسه وفسدت عقائده وأعماله جاءه ملك الموت بأبشع صورة وأنتن ريح.






    قيل للإمام أبي عبد الله الصادق (عليهما السلام): صف لنا الموت.
    فقال (عليهما السلام) (عليه السلام)للمؤمن كأطيب ريح يشمّه فينعس(6) لطيبه وينقطع التعب والألم كلّه عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب وأشدّ.
    فقيل له (عليهما السلام): فانّ قوماً يقولون: أنّه أشدّ من نشر المناشير! وقرض بالمقاريض! ورضخ(7) بالأحجار! وتدوير قطب الارحية(8) في الإحداق.
    قال (عليهما السلام): فهو كذلك، هو على بعض الكافرين والفاجرين ...(9).
    وتلك البشرى التي يزفّها ملك الموت (عليهما السلام) للمؤمن رغم ما فيها من راحة النفس للعبد المؤمن إلاّ أنّه رغم ذلك يقف بين يدي العبد المؤمن موقف الذليل من سيده، وما ذلك إلاّ إجلالاً وكرامة للمؤمن.


    عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال: (عليه السلام) انّ ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم وأصحابه، لا يدنو منه حتى يبدأه بالتسليم ويُبشّره بالجنة)(10).
    ولعل في هذا الوقوف الظاهر بعلو الشأن للمؤمن إشارة إلى أنّ الخوف والخشية و الكراهية من الموت سوف تبقى بدرجات معينة ــ ولو كانت ضئيلة ــ بحيث تستدعي ملك الموت أن يُظهر ذلك الخضوع والانكسار لدفع ما تبقى من ذلك الوهم الذي اُلصق بالإنسان أو ألصقه الإنسان بنفسه.
    فتلخّص ممّا تقدّم أنّ الإنسان هو المسؤول الأول عن تحديد ملامح صورة ملك الموت الذي لابدّ من لقائه، فتتناسب الهيأة التي يكون عليها ــ جمالاً أو قبحاً ــ مع الصورة الواقعية الباطنية للإنسان، وهذا التناسب يقع طردياً، ارتفاعاً وانخفاظاً.
    ومن هنا ينبغي أن يعيش الإنسان عموماً والمؤمن خصوصاً ثقافة النصّ التي تفضح صراحاً تلك الأكذوبة الكبرى والوهم الأعظم الذي يحمله الأعّم الأغلب منّا عن صورة الموت وملكه (عليهما السلام)، وتلك البشاعة البشعة التي ألصقناها به (عليهما السلام) وهو منها بُراء.
    هذا، ولا شبهة ولا ريب من أنّ هنالك فرقاً عظيماً ــ كما وجدنا ــ بين ثقافة النصّ الشرعي وبين ثقافة العرف.
    نعم، فالموت كما وصفه الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه (عليه السلام) ريحانه المؤمن(11) وأنّه (عليه السلام) تُحفة المؤمن(12) و انّ (عليه السلام) الموت غنيمة(13) و (عليه السلام)في الموت راحة السعداء(14).
    اللهم اجعل هذه الامّة المرحومة اُمّة رسولك الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من السعداء، واختم لها بالشفاعة والجنة والرضوان.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    1 ــ الزمر: 30.
    2 ــ معاني الأخبار للشيخ الصدوق : 288 ح2 , نشر مؤسسة النشر الإسلامي , قم .
    3 ــ البقرة: 7.
    4 ــ أي: تقطع وتشقّق.
    5 ــ ميزان الحكمة للشيخ محمد الري شهري: 3/2606/16956 ــ نشر مؤسسة دار الحديث، الطبعة الأولى، 1416 هـ، قم.
    6 ــ في بعض النسخ: يتنفس.
    7 ــ الرضخ: الرمي.
    8 ــ الأرحية: جمع رحى وهو الطاحون.
    9 ــ معاني الأخبار ــ مصدر سابق: 287 ح1.
    10 ــ من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: 1/135/365 ــ تحقيق علي أكبر الغفاري، نبشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم.
    11 ــ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، لعلاء الدين المتقي بن حسام الدين الهندي: 16/546/42110 ــ تصحيح صفوه السقا، نشر مكتبة التراث الإسلامي، الطبعة الاولى، 1397 هــ ــ بيروت.
    12 ــ المصدر السابق: 15/551/42136.
    13 ــ المصدر السابق: 16/122/44144.
    14 ــ غرر الحكم ودرر الكلم ــ مصدر سابق: 6502.


    منقوول

    عن الامام علي عليه السلام
    (
    الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك
      جـــــــــــــــــــــــــــــ الله خير الجزاء ـــــــــــــــــــــــــــــزاك

      تعليق


      • #4
        بارك الله بك
        أبا الفضل عشقي الازلي
        sigpic

        تعليق


        • #5
          اللهم صل على محمد وال محمد
          جزاك الله خير الجزاء

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..



            الأخت القديرة نور العترة..
            أسأل الله تعالى أن تكونوا من المؤمنين الأتقياء فيبعد عنكم أهوال الموت وما بعد الموت وأن يحشركم مع محمد وآل محمد (عليهم السلام)...


            تعليق


            • #7
              الاخت الفاضلة
              جزيت خيرا.......... بارك الله فيك
              حسين منجل العكيلي

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
              x
              يعمل...
              X