أمام مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام): آهاتُ أبٍ مفجوع بابنه تتكسّر عند عتباته الطاهرة وتجدّد العهد على طريق الشهادة (فيديو)..

والد الشهيد
صرخة مدوية لم يزل صداها يصكّ سمع الدنيا وتردّدها شفاه الأحرار وأفواه أباة الضيم في كلّ زمانٍ ومكان.. -ﻻ يوم كيومك يا أبا عبدالله-...
عقيدةٌ تتجلّى متجسدة حاضرة أمام أعين الصابرين، حين يُبتلون بشتّى النوائب والخطوب.. "ﻻ يوم كيومك يا أبا عبدالله" لم تكن مجرد كلمة قالها الإمام الحسن(عليه السلام) متنبّئاً وراثياً لأخيه سيد الشهداء(عليه السلام)، وبقيت شعاراً يتلوه الخطباء أيام العزاء، بل غدت نشيداً ممزوجاً بنغم الشهادة ملوّناً بحمرة الدماء على مرّ الدهور..
واليوم إذ تكالبت أذناب بني أمية، وجراد حمالة الحطب، وخفافيش أبي لهب، من كلّ كهوف الأرض وجحور أصقاعها، صوب عراق الأنبياء والأئمة(صلوات الله عليهم)، متوهّمة أنّ بمقدورها إسكات صوت زينب الهادر وخنق بيانات السجاد التي عرّتهم، ولم تنزل إلّا بفضيحتهم، وكلّهم أمل بأن يحقّقوا ما لم يستطع جدّهم يزيد فعله..
نعم اليوم وفي هذه الظروف القاسية ينبري هذا الشيخ المفجوع بفلذة كبده الذي قدّمه قرباناً على مذبح الحرية والفداء، ولسان حاله يقول: (والجرح يسكنه الذي هو أألم) ومهما كان جرحه عميقاً فجرحكم سادتي في نفسه أعمق وأشدّ إيلاماً..
والشهيد السعيد حيدر الحاج ميثم وحسبما يروي والده الحاج ميثم أنّه كان مسافراً هو ومجموعة من أصدقائه لأداء مراسيم زيارة الإمام الرضا(سلام الله عليه)، وعند سماعهم أخبار تردّي الوضع الأمني اتّصل بأبيه فوافاه بما حصل في نينوى، فودّعه وقطع الاتّصال ثم التفت الى أصدقائه وقال لهم: إخوتي أنا عائد الى العراق فمَنْ أحبّ مرافقتي مرحباً به وإلّا سأعود لوحدي، فقطعوا زيارتهم وعادوا جميعاً.
وصل يوم الجمعة الساعة الثامنة صباحاً الى مطار النجف والى البيت الساعة العاشرة صباحاً وبعد استماعه لخطبة صلاة الجمعة التي أُعلن فيها عن فتوى الدفاع المقدس عن العراق، تطوّع يوم السبت، وتوجّه يوم الأحد الى جبهة القتال، وحين وصلوا قاطع اللطيفية -منطقة أم ملحة- بقي يدافع الى يوم الأربعاء، فمنحوهم إجازة فرفضها لأنّه سمع أنّ جماعته سيُداهمون أوكاراً لجرذان "داعش"، وفعلاً شارك مع غيارى العراق ونفّذ المداهمة وأبلى بلاءً حسناً، وحسب رواية جماعته قالوا: كنّا ننادي عليه ونحذّره ونصيح عالياً أن يحذر من القناصين، وقد كان الرمي شديداً في اشتباكات عنيفةٍ جداً، ولكنّه كان يصول ويجول ولا يهاب ولا يعرف الموت أبداً الى أن جاءت ساعة الشهادة..
فلنستمع لهذا الأب المكلوم بفقد ولده ولنتأمّل كلماته العقائدية الصادقة وهو يخاطب أولياء الله في حضرتهم.. لتعيد كلماته إيصال رسالة (ﻻ يوم كيومك يا أبا عبدالله)