الباب التّاسع والسَّبعون
(زيارات الحسين بن عليِّ عليهما السلام)

1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ ، عن محمَّد بن الحسين بن أبي ـ الخطّاب ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن يزيدَ بن إسحاقَ شَعَر ، عن الحسن بن عَطيّة(1) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا دخلت الحائر فقل :
«اللّهُمَّ إنَّ هذا مَقامٌ كَرَّمْتَني بِهِ وَشَرَّفْتَني بِهِ ، اللّهُمَّ فَأعْطِني فيهِ رَغْبَتي عَلى حَقيقَةِ إيماني (2) بِكَ وَبِرُسُلِكَ ، سَلامُ اللهِ عَلَيْكَ يَاابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَسَلام مَلائِكَتِهِ(3) فيما تَرُوحُ وَتَغْتَدي بِهِ ، الرَّائحاتِ الطّاهِراتِ [الطَّيِّباتِِ] لَكَ وَعَلَيكَ ، وَسَلامٌ عَلى مَلائكَةِ اللهِ المقَرَّبينَ ، وَسَلامٌ عَلى المُسْلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهمْ ، النّاطِقينَ لَكَ بِفَضْلِكَ بألْسِنَتهم ، أشْهَدُ أنَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ ، صَدَقْتَ فيما دَعَوتَ إلَيْهِ ، ، وَصَدَقْتَ فيما أتَيتَ بِهِ ، وأنَّكّ ثَأْرُ اللهِ في الأَرضِ(4) مِنَ الدَّمِ الَّذِي لا يُدْرَكُ ثَأْرهُ مِنَ الأرْضِ إلاّ بِأولِيائِكَ ، اللّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْ
____________
1 ـ السَّند في غاية الاتقان والصّحّة.
2 ـ أي : وأعطني فيه رغبتي وطلبتي وحاجتي حال كوني على حقيقة إيماني ، أي : أعطني ما سألت لأنّي آمنت. ويحتمل أن يكون متعلّقاً بالرّغبة ، أي : ما رغبت به إليك من المثوبات بسبب أنّي آمنت بك وبثوابك وبما أُخبر به رسولك وآله ـ صلوات الله عليهم ـ في ثواب زيارته عليه السلام ، ولذلك أتيته زائراً. (شرح التّهذيب) .
3 ـ في البحار : «سلامٌ عليك يا ابن رسول الله ، وسلام على ملائكته ، فيما تروح به الرّائحات الطّاهرات لك وعليك ـ إلخ».
4 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : الثَأر بالهمز : الدّم وطلب الدّم ، أي إنّك أهل ثأر الله ، والّذي يطلب الله بدمه من أعدائه. وقيل : هو تصحيف «ثائر» ، والثّائر : من لا يبقى على شيء حتّى يدرك ثأره . ثمّ اعلم أنّ المضبوط في نسخ الدّعاء بغير همز ، والّذي يظهر من كتب اللّغة أنّه مهموز ، ولعلّه خفّف في الاستعمال .

( 214 )

مَشاهِدَهُمُ وَشَهادَتَهُمْ(1) حَتّى تُلْحِقَني بهمْ وَتَجعَلَني لَهُمْ فَرَطاً وتابِعاً في الدُّنيا وَالآخِرَةِ(2)» .
ثمَّ تمشي قليلاً وتمشي قليلاً وتكبّر سَبع تكبيرات ، ثمَّ تقوم بحيال القبر وتقول :
«سبحان الذي سبَّحَ لَهُ الملْكُ وَالملكُوتُ ، وَقَدَّسَت بأسمائِهِ جَميعُ خَلقِهِ ، وَسُبْحانَ اللهِ الملِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّ الملائِكَةِ وَالرُّوح ، اللّهُمَّ اكْتُبْني في وَفْدِكَ إلى خَيْرِ بِقاعِكَ وَخَيرِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الجِبْتَ وَالطّاغوتَ ، وَالْعَنْ أشْياعَهُم وَأتْباعَهُمْ ، اللّهُمَّ أشْهِدني مَشاهِدَ الخَير كُلَّها مَعَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ ، اللّهُمَّ تَوفَّني مُسْلِماً ، وَاجْعَلْ لي قَدَمَ صِدْقٍ(3) مَعَ الباقِينَ الْوارِثينَ الَّذين يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فيها خالِدُونَ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحينَ» .
ثمَّ كبّر خمس تكبيرات ، ثمَّ تمشي قليلاً وتقول :
«اللّهُمَّ إنّي بِكَ مُؤمِنٌ وَبِوَعْدِكَ مُوقِنٌ ، اللّهُمَّ اكْتُبْ لي إيماناً وَثَبِّتْه في قَلْبي ، اللّهُمَّ اجْعَلْ ما أقول بِلِساني حَقيقَتَهُ في قَلْبي وَشَريعَتَهُ في عَمَلي ، اللّهُمَّ اجْعَلْني مِمَّنْ لَهُ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام قَدَمُ ثَباتٍ ، وَأثْبِتْني فيمنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ» .
ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات وترفع يديك حتّى تضعها على القبر جميعاً ، ثمَّ تقول :
«أشْهَدُ أنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ ، طَهُرْتَ وَطَهُرَتْ بِكَ البِلادُ ، وَطَهُرَتْ أرْضٌ أنْتَ بها ، وَطَهُرَ حَرَمُكَ ، أشْهَدُ أنَّكَ أمَرْتَ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ ، وَدَعَوتَ إلَيْهما ، وَأنَّكَ ثَأْرُ اللهِ في أرْضِهِ حتّى يَسْتَثِيرُ لَك مِنْ جَميع خَلْقِه(4)» .
ثمّ ضَعْ خَدَّيك جميعاً على القبر ، ثمَّ تجلس وتذكر الله بما شِئتَ وتَوَجّه
____________
1 ـ أي حضورهم ، أو أصير شهيداً كما صاروا ، والأوّل أظهر . (البحار)
2 ـ قال العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ : قوله : «وتجعلني لهم فَرَطاً» هو بالتّحريك : من يتقدّم القوم ليرتاد لهم الماء ويهيّىء لهم الدّلاء والأرشية ، أي تجعلني خادماً لهم ساعياً في اُمورهم.
3 ـ في بعض النّسخ : «واجعل لي قدماً مع الباقين» .
4 ـ قوله : «من جميع خلقه» أي ممّن له مدخل في ذلك ، بالتأسيس والخذلان والرّضا به في كلّ دهر وأوان . (البحار)

( 215 )

إلى الله فيما شِئتَ أنْ تتوجّه ، ثمّ تعود وتضع يديك عند رجليه ، ثمَّ تقول :
«صَلَواتُ الله عَلىُ رُوحِكَ وَعَلىُ بَدَنِكَ ، صَدَقْتَ وأنْتَ الصّادِقُ المصَدّقُ ، وَقَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بالأَيْدي وَالألْسُنِ» .
ثمَّ تقبل إلى عَليٍّ ابنه فتقول ما أحببت ، ثمّ تَقوم قائماً فتستقبل قُبورَ الشُّهداء فتقول :
«السَّلامُ عَليْكم أيُّها الشُّهداءُ ، أنْتُم لَنا فَرَط(1) وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ ، أبْشِرُوا بمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ ، الله مُدْرِكٌ لكُمْ وِتْرَكُمْ(2) وَمُدْرِكٌ بِكُمْ في الأرْضِ عَدُوَّهُ ، أنْتُمْ سادَةُ الشُّهداءِ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ» .
ثمَّ تجعل القبر بين يديك ، ثمّ تصلّي ما بدا لك ثمَّ تقول :
«جِئْتُ وافِداً إلَيْكَ ، وَأتَوَسَّلُ إلىُ اللهِ بِكَ في جَميع حَوائِجي مِنْ أمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتي ، بِكَ يَتَوَسَّلُ المتوسِّلُونَ إلىَ اللهِ في حَوائِجِهِمْ ، وَبِك يُدْرِكُ عِنْدَ اللهِ أهْلُ التُّراثِ طَلِبَتهُم» .
ثمّ تكبّر إحدى عشر تكبيرةً متتابعةً ولا تعجل فيها ، ثمَّ تمشي قليلاً فتقوم مستقبل القِبلَة فتقول :
«الحمْدُ لله الواحِدِ المتوَحِّد في الاُمُورِ كُلِّها ، خَلَق الخَلْقَ فَلَم يَغِبْ شَيءٌ مِنْ اُمُورِهِمْ عَنْ عِلْمِهِ ، فَعَلِمَهُ بِقُدرَتِهِ ، ضَمِنَتِ الأرْضُ وَمَنْ عَلَيها دَمَكَ وَثَأْرَكَ ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيكَ . أشْهَدُ أنَّ لَكَ مِنَ اللهِ ما وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالفَتْح ، وَأنَّ لَكَ مِنَ اللهِ الوَعْدَ الصّادِقَ في هَلاكِ أعْدائِكَ ، وَتَمامَ مَوْعِدِ اللهِ إيّاكَ ، أشْهَدُ أنَّ مَنْ تَبِعَكَ الصّادِقُونَ ، الَّذينَ قالَ الله تَبارَكَ وَتَعالى فيهم : «اُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِندَ رَبِّهِم لَهُمْ أجْرُهُم وَنُورُهُم(3)»» .
____________
1 ـ أي أنتم متقدّم لنا.
2 ـ الوتر ـ بالكسر ويفتح ـ ، والتِّرَة ـ بكسر التّاء وفتح الرّاء ـ : الثّأر.
3 ـ الحديد : 19 . وقوله تعالى : «لهم أجرهم ونورهم» اي لهم ثواب طاعاتهم ونور إيمانهم الّذين يهتدون به إلى طريق الجنّة ، وهذا قول عبدالله بن مسعود . (المجمع)

( 216 )

ثمَّ كبّر سَبع تكبيرات ثمَّ تمشي قليلاً ، ثمَّ تستقبل القبر وتقول :
«الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلم يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلِك ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْديراً ، أشْهَدُ أنَّكَ دَعَوتَ إلى اللهِ وَإلى رَسُولِهِ ، وَوَفَيْتَ للهِ بِعَهْدِهِ ، وَقُمْتَ للهِ بِكَلِماتِهِ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ، لَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ [وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً ظَلَمَتْكَ] ، وَلَعَن اللهُ اُمَّةً خَذَلَتْكَ ، وَلَعَن اللهُ اُمَّةً خَدَعَتْكَ(1) ، اللّهُمَّ إنّي اُشهِدُكَ بِالوِلايَةِ لِمَنْ والَيتَ ، وَوالَتْهُ رُسُلُكَ ، وأشْهَدُ بِالْبراءةِ مِمَّن بَرِئتَ مِنْهُ رُسُلُكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذين كَذَّبُوا رُسُلُكَ ، وَهَدَمُوا كَعْبَتَكَ ، وَحَرَّفُوا كِتابَكَ ، وَسَفَكُوا دِماءَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ ، وَأفْسَدُوا في بِلادِكَ واسْتَذَلُّوا عِبادَكَ ، اللّهُمَّ ضاعِفْ عَلَيهِم الْعَذابَ فيما جَرى مِنْ سُبُلِكَ وَبَرِّكَ وَبحرِكَ ، اللّهُمَّ الْعَنْهُمْ في مُسْتَسِرِّ السَّرائِرِ وَظاهِرِ الْعَلانِيَة في أرْضِكَ وَسَمائِكَ(2)»» .
وكلّما دخلتَ الحائر فسَلِّمْ وَضَعْ يدك على القبر(3) .

زيارَةٌ اُخْرى
بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم

2 ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهم الله ـ جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثُوَير بن أبي فاخِتَة «قال : كنت أنا ويونس بن ظَبْيان والمفضّل بن عُمَرَ وأبو سَلَمةَ السَّرَّاج جُلوساً عِند أبي عبدالله عليه السلام وكان المتكلِّم يونس ـ وكان اكبرنا سِنّاً ـ فقال له : جُعلتُ فِداك إنّي أحضر مجلس هؤلاء القوم ـ يعني ولد العبّاس(4) ـ فما أقول؟ فقال : إذا حضرتهم فذكرتنا فقل : «اللّهُمَّ أرنَا الرَّخاءَ وَالسُّرورَ ، فإنَّكَ تَأتي عَلى ما تُريدُ» ، فقلت: جعلت فداك إنّي
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «خَذَّلَتْ عنك».
2 ـ في البحار: «اللّهمّ العنهم في مستسرّ السّرائر في سمائك وأرضك» . وتقدّم بيانه.
3 ـ في بعض النّسخ : «وضع خدّك على القبر».
4 ـ في جلّ النّسخ : «س اب ع» .

( 217 )

كثيراً مَا أذكر الحسين عليه السلام ، فأيّ شَيءٍ أقول؟ فقال : قل : «السّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ» ـ تعيد ذلك ثلاثاً ـ فإنَّ السَّلام يَصل إليه مِن قَريب ومِن بَعيد ، ثمَّ قال: إنّ أبا عبدالله عليه السلام لمّا قضى بَكتْ عليه السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع وما فيهنَّ وما بينهنَّ ومَن يتقلّب في الجنَّة والنّار مِن خَلْق رَبِّنا ، وما يُرى وما لا يُرى بَكى على أبي عبدالله الحسين عليه السلام إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبكِ عليه ، قلت : جعلت فِداك وما هذه الثّلاثة الأشياء ؟ قال : لم تَبكِ عليه البَصْرةُ ولا دِمَشْقُ ولا آل عثمانَ(1) فقلت له : جعلت فداك إنّي اُريد أن أزورَه فكيف أقول وكيف أصنع؟ قال : إذا أتيت أبا عبدالله عليه السلام فاغتسل على شاطىء الفُرات ثمَّ البس ثيابَك الطّاهِرة ، ثمّ امْشِ حافياً ، فإنَّك في حَرَم مِن حُرُم اللهِ وحَرم رَسوله(2) وعليك بالتَّكبير والتَّهليل والتَّمجيد والتَّعظيم للهِ كثيراً ، والصَّلاة على محمَّدٍ وأهل بيته ، حتّى تصير إلى باب الحائر ثمَّ تقول :
«السَّلام عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وَزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّ اللهِ» ؛
ثمَّ اخْطُ عَشر خُطىً(3) ثمَّ قِفْ فكبِّر ثلاثين تَكبيرةً ، ثمَّ امْشِ إليه حتّى تأتيه
____________
1 ـ قيل : المراد بِالسّماوات السّبع والأرضين السّبع سُكّان السّموات والأرضين ، والمراد بالبصرة ودِمَشْق أيضاً أهلهما.
2 ـ أي الحرم الّذي أمر الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم باحترامه . أو يلزم حرمته ‏لله ، لأنّه دفن فيه خليفة الله ، وللرَّسول لأنّه دفن فيه سِبْطه وقُرَّةُ عينه ووصيُّه ـ صلوات الله عليهم ـ . (العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ ).
3 ـ قال العلاّمة الشّعرانيّ ـ رحمه الله ـ في هامش الوافي : «المستفاد من هذا الحديث أنّ الحائر كان أعظم مِن الحرم الحالي ـ أعني : تحت القبَّة والرّواق الواقع على أطرافه ـ وذلك لأنّ الفاصلة بين الباب وما يقف فيه الزّائر حول القبر الشّريف كان أكثر من عَشر خطوات ، والضَّلع الجنوبي مِن جدار الحار ، وإلاّ لوجب التّصريح بأنّك تدور أو تطوف أو تحوّل حتّى تأتيه من قبل وجهه ، ولكن اكتفى بقوله : امش حتّى تأتيه ـ انتهى .
وقال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : يدلّ على توسعةٍ في الحائر ، وأنّه أزيد مِن أصل القبَّة مع الرّواق كما توهّم ، بل الظّاهر أنّ كلّ ما انخفض من الصّحن المقدّس ـ أعني : جميع ما في

( 218 )

مِن قِبَل وَجهِه ، واستقبل بوَجهك وَجهه ، وتجعل القِبلَة بين كِتْفيك ، ثمَّ تقول :
«السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ وابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتيلَ اللهِ وَابْنَ قَتيلِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثأرَ اللهِ وَابْنَ ثَأرِهِ ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وِتْرَ الله المَوتُورَ(1) في السَّماوات وَالأرْضِ ، أشْهَدُ أنَّ دَمَكَ سَكَن في الخُلُدِ ، وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أظلَّةُ العَرْشِ(2) وَبَكى لَهُ جَميعُ الخلائِقِ ، وَبَكَتْ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأرَضُونُ السَّبْعُ وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَمَنْ في الجَنَّةِ وَالنّار مِنْ خَلْقِ رَبِّنا ، ما يُرىُ وَما لا يُرى ، أشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ وَابْنُ حُجَّتِهِ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَتيلُ اللهِ وَابْنُ قَتيلِهِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ ثَأرُ اللهِ وَابْنُ ثَأرِهِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ وِتْرُ اللهِ المَوتُورِ في السَّماواتِ وَالأَرضِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ ، وَوَفَيْتَ وافَيْتَ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ ، وَمَضَيْتَ لِلَّذي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهيداً وَمُسْتَشْهِداً وَشاهِداً وَمَشْهُوداً ، وَأنَا عَبْدُاللهِ وَمَولاكَ وَفي طاعَتِكَ ، وَالْوفِدُ إلَيْكَ ، ألْتَمِسُ كَمالَ المَنزلَةِ عِنْدَاللهِ ، وَثَباتَ الْقَدَمِ في الْهِجْرَةِ إلَيْكَ ، وَالسَّبيل الَّذي لا يُخْتَلَجُ دُونَكَ مِنَ الدُّخُولِ في كَفَالَتِكَ الَّتي اُمِرْتُ بها(4) ، مَنْ أرادَ اللهَ بَدَءَ بِكُمْ ، [مَنْ أرادَ الله بَدَءَ بِكُمْ ،
____________
القدّام إلى ما يحاذي وسط المسجد الّذي خلف الضّريخ المقدّس ـ داخل في الحائر. فإنّا سمعنا من المعمّرين أنَّ الصّحن لم يغيّر مِن قدّامه وجانبيه ، وإنّما وسّعوه من خلفه ليقع الضّريح في الوسط ، لكن ما ألحقوه مرتفع وما كان سابقاً منخفض ، ولذا سمّي حائراً لأنّه يحارّ فيه الماء ، وإن ذكر فيه وجوهٌ اُخر . (ملاذ الأخيار)
1 ـ قوله : «يا وِتْر الله الموتور» أي الفرد المتفرّد في الكمال من نوع البشر في عصره الشّريف ، أو المراد ثأر الله كما مرّ ، أي الّذي الله تعالى طالب دمه . (ملاذ الأخيار) وقوله : «يا ثأر الله» بالثّاء المثلّثة والهمزة ، بمعنى طلب الدّم ، حُذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه ، يعني : يا أهل طلب الدّم ، أي تطلبون بدمكم . (الوافي) وأوردنا له معنى آخر في ص194 .
2 ـ أي ما فوق العرش ، أو الرّوحانيّين المطيفين به والحاملين له . (المولى المجلسيّ ـ ره ـ) وقال الفيروزآباديّ : الظِّلّ من كلّ شيءٍ : شَخْصُه ، أو كِنْه.
4 ـ الاختلاج : الاضطراب ، واختلجه أي : جذبه واقتطعه . فيمكن أن يقرء : «يختلج» على بناء الفاعل وعلى بناء المفعول ، والثّاني أظهر. وعلى التّقديرين «السّبيل» : إمّا معطوف على الهجرة ، أو على ثبات القدّم ، والأخير أظهر. وعلى التّقادير حاصل الكلام : إنّي ألتمس منك السّبيل المستقيم غير المضطرب ، أو السّبيل الّذي من سلكه لا يجتذب ولا ينتزع ولا يمنع من الوصول إليكم في الدّنيا والآخرة . وكلمة «مِن» في قوله : «من الدّخول» إمّا تعليليّة ، أي : لأجل

( 219 )

مَنْ أرادَ اللهَ بَدَءَ بِكُم] ، بِكُمْ يُبَيّنُ اللهُ الكَذِبَ ، وَبِكُمْ يُباعِدُ الزَّمانَ الْكَلِبَ(1) ، وَبِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ ، وَبِكُمْ يَمْحُو مَا يَشاءُ وَبِكُمْ يُثْبِتُ ، وَبِكُمْ يَفُكُّ الذُلَّ مِنْ رِقَابِنا ، وَبِكُمْ يُدْرِكُ اللهُ تِرَةَ كُلِّ مُؤمِنٍ يُطْلَبُ(2) ، وَبِكُمْ تُنْبِتُ الأَرْضُ أشْجارَها ، وَبِكُمْ تُخْرِجُ الأشْجارُ أثْمارَها ، وَبِكُمْ تُنْزِلُ السَّماءُ قَطْرَها وَرِزْقَها ، وَبِكُمْ يَكْشِفُ اللهُ الْكَرْبَ ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ اللهُ الغَيثَ ، وَبِكُمْ تُسِيخُ الأرَضُ(3) الَّتي تُحْمِلُ أبْدانَكُمْ ، وَتَسْتَقِرُّ جِبالُها عَلى مَراسِيها ، إرادَةُ الرَّبِّ في مَقادِير اُمُورِهِ تَهْبِطُ إلَيْكُمْ ، وَتَصْدُرُ مِنْ بُيُوتِكُمْ ، وَالصّادِرُ عَمّا فُصِلَ مِنْ أحْكامِ الْعِبادِ(4) ، لُعِنَتْ اُمَّةٌ قتلتكم ، وأمة خالفتكم ، وأمة جحدت ولايتكم ، وأمة ظاهرت عليكم ، وأمة شَهِدَتْ وَلَمْ تُسْتَشْهدْ(5) ، الحَمْدُ لله
____________
أن أدخل في كفالتك . أو صلة للاختلاج على المعنى الثّاني . و «اُمرت» على بناء المجهول . والكفالة هي الحفظ والرّعاية والشّفاعة اللاّتي أمرهم الله تعالى بها لشيعتهم . (ملاذ الأخيار)
1 ـ اُريد بزمان الكلب: الشّدائد الصَّعْبَة.
2 ـ أي دم قتيله وكلّ تبعة له على غيره وزاد في الفقيه : «ومؤمنة» . (الوافي) وفي بعض النّسخ : «ترة كلّ مؤمن بطلت» أي دم كلّ مؤمن بطلت ولم يؤخذ له القصاص . وفي الكافي : «ترة كلّ مؤمن يطلب ها» .
3 ـ «وبكم تسيخ» أي تستقرّ وتثبت الأرض بكم ، لكونها حاملة لأبدانكم الشّريفة أحياء وأمواتاً . وفي بعض النّسخ وفي الفقيه : «وَبِكُمْ تُسَبّحُ الأرْضُ» بالباء الموحدة والحاء المهملة ، فيمكن أن يقرء على بناء المفعول : أي تنزّه وتقدّس وتذكر بالخير بيوتكم وضرائحكم ومواضع آثاركم . (مرآة العقول)
4 ـ «والصّادر عمّا فصّل» هو مبتدء وخبره مقدّر بقرينة ما سبق ، أي يصدر من بيوتكم . وفي بعض نسخ التّهذيب : «عمّا نقل من أحكام العباد» ، وفي الكافي كما في المتن ، وفي بعض النّسخ : «والصّادق» بالقاف ، ولا يختلف التّقدير . ويمكن أن يقرء «فصّل» على بناء المعلوم والمجهول من باب التّفعيل والمجرّد ، والحاصل أنّ أحكام العباد وما بيّن منها ، أو ما يفصل بينهم في قضاياهم ، أو ما يميّز بين الحقّ والباطل ، أو ما خرج من الوحي منها يؤخذ منكم ، فإنّ الصّادر عن الماء مثلاً هو الّذي يرد الماء ، فيأخذ منه حاجته ويرجع ، فإذا كان علم ما فصّل من أحكام العباد في بيوتهم فالصّادر عنه ، لابدّ أن يصدر مِن بيوتهم ، ولا يبعد أن يكون الواو في قوله : «والصّادر» زيد من النّسّاخ فيكون فاعل يصدر ولا يحتاج إلى تقدير . (المجلسي ـ ره ـ ).
5 ـ على بناء المفعول ، ومن يقرء على المعلوم لا يخفى بعده . (من البحار) في الفقيه : «تنصركم» .

( 220 )

الَّذي جَعَلَ النّارَ مأواهُمْ(1) ، وَبِئْسَ وِرْدُ الوارِدينَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ المَوْرُود(2) ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمين» ، وتقول ثلاثاً : «صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ وَأنا إلى اللهِ مِمَّن خَالَفَكَ بَريءُ ـ ثلاثاً ـ « ، ثمَّ تقوم(3) فتأتي ابنه عَليّاً(4) عليه السلام وهو عند رجْليه وتقول : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ المُؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ الحَسَنِ وَالحُسَين(5) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ خَديجةَ الْكُبْرى وَفَاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، صَلّى الله عَلَيْكَ ـ ثلاثاً ـ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ـ ثلاثاً ـ أنَا إلى اللهِ مِنهُمْ بَرِيءٌ ـ ثلاثاً ـ » .
ثمّ تقوم فتؤمي بيدك إلى الشُّهداء وتقول : «السَّلامُ عَلَيْكُمْ ـ ثلاثاً ـ ، فُزْتُمْ وَاللهِ ، ـ ثلاثاً ـ ، فَلَيْتَ أنّي مَعَكُمْ(6) فَأَفُوزَ فَوزاً عَظِيماً» ، ثمَّ تدور(7) فتجعل قبر أبي عبدالله عليه السلام بين يديك وأمامك ، فتصلّي ستّ رَكعات ، وقد تمّت زيارتك فإن شئت أقم وإن شئت فانصرف» .
____________
1 ـ في التّهذيب : «مثواهم» .
2 ـ أي : بئس الورد محلّ ورودهم ، والمورود تأكيد ، أو المورود عليه . (ملذ)
3 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : ظاهره استحباب أن يكون عند الزّيارة جالساً ، وبعض الزّيارات ظاهرها استحباب القيام ، ففي كلّ زيارة يؤتى بما اشتملت عليه.
4 ـ يظهر من رجال الشّيخ (ره) أنّه عليّ بن الحسين الأصغر ، واُمّه ليلي بنت أبي مرّة الثَّقفيّ ، وذكر المفيد (ره) في إرشاده : هو الأكبر ، وذكر أنّ الأصغر عليٌ زين العابدين ، والّذي قتل مع الحسين عليه السلام صغيراً بإصابة السّهم هو عبدالله ، والمشهور أنّ الشّهيد هو الأكبر ، وهو مذكور في كتب أهل العلم بالأنساب على ما نقله ابن إدريس من العامّة والخاصة ، والله أعلم . (كذا في هامش الوافي)
5 ـ قوله : «يا ابن الحسن» كأنّ هذا على سبيل المجاز ، فإنّ العرب يسمّي العمّ أباً ، كما في قوله تعالى : «وَإذْ قَالَ إبراهيمُ لأَبيهِ آزَرَ» اي قال لعمّه ، فإنّ اسمه : تارخ .
6 ـ في الفقيه : «يا ليتني كنت معكم» .
7 ـ ظاهره أنّ زيارة عليّ بن الحسين والشّهداء أيضاً مِن قبل وجوههم ، خِلافاً لما قيل : إنّ زيارة غير المعصوم إنّما تكون مستقبل القِبلة ، بل الظّاهر أنّه إذا قرء عندهم «القدر» وأمثالها يكون مستقبل القِبلة ، وإذا خاطبهم بالسّلام يكون مستقبلهم . ويحتمل التّخيير مطلقاً ، والله يعلم . (ملاذ الأخيار)