الباب الثّاني والعشرون
(قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :)
(«إنّ الحسين عليه السلام تقتله اُمّته من بعده»)

1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن صَفوانَ بن يحيى ؛ وجعفر بن عيسى ابن عُبَيد قالا : حدَّثنا أبو عبدالله الحسين بن أبي غُنْدَر ـ عمّن حدَّثه ـ عن أبي ـ عبدالله عليه السلام «قال : كان الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ذات يوم في حِجر النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يلاعِبُه ويضاحِكُه ، فقالت عائشة : يارسول الله ما أشدَّ إعجابك بهذا الصَّبيِّ ؟ فقال لها : ويلك ! وكيف لا اُحبّه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرَّة عيني ، أما إنّ اُمّتي ستقتله ، فمن زَاره بعد وفاتِه كتب الله له حجّة مِن حِججي ، قالت : يارسول الله حجّة من حِجَجِك ؟ ! قال : نعم ؛ حجَّتين من حججي ، قالت : يارسول الله حجّتين من حِججك ؟ ! قال : نعم ؛ وأربعة ، قال : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجّة مِن حِجج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأعمارها» .
2 ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن عليٍّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الاُصمّ ، عن مِسمَع بن عبدالمَلِك ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كان الحسين عليه السلام مع اُمِّه تحمله ، فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : لَعَنَ اللهُ قاتِليك ولعنَ اللهُ سالِبيك ، وأهلَكَ الله المتوازِرين عليك ، وحكم الله بيني وبين مَن أعانَ عليك ، فقالتْ فاطمة: يا أبةِ أيّ شيء تقول ؟ قال : يابنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدَك من الأذى والظّلم والغَدر البَغي ، وهو يؤمئذٍ في عُصبة كأنّهم نجومُ السّماء ، يتهادون إلى القَتل ، وكأنّي أنظر إلى مُعَسْكَرهم وإلى موضع رِحالهم وتربتهم ، فقالتْ : يا أبة وأين هذا الموضع الَّذي تصف؟ قال : موضع


( 68 )

يقال له : كربلاء ، وهي ذات كربٍ وبلاءٍ علينا وعلى الاُمّة ، يخرج عليهم شِرار اُمّتي ، ولو أنّ أحدهم يشفع له مَن في السّماوات والاُرضين ما شفّعوا فيهم وهم المخلّدون في النّار ، قالتْ : يا أبة فيقتل؟ قال : نَعَم يا بنتاه ما قتل قبله أحدٌ كان تبكيه السّماوات والأرضون والملائكة والوَحش والحِيتان في البحار والجبال ، لو يؤذن لها ما بقي على الاُرض مُتنفّس ، وتأتيه قومٌ مِن محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقِّنا منهم ، وليس على ظَهر الأرض أحدٌ يلتفت إليه غيرهم ، اُولئك مصابيح في ظلمات الجَور ، وهم الشُّفعاء ، وهم واردون حوضي غَداً ، أعرفهم إذ أوردوا عليَّ بسيماهم ، وأهل كلِّ دين يطلبون أئمٌتهم وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرَنا ، وهم قِوامُ الأرض بهم ينزل الغَيث ـ وذكر الحديث بطوله ـ »(1) .
3 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن أبي عبدالله زَكريا المؤمن ، عن أيّوب بن عبدالرَّحمن ؛ وزَيد بن الحسن أبي الحسن؛ وعَبّاد جميعاً ، عن سعد الإسكاف(2) «قال : قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن سَرّه أن يحيى محياي ويموت مَماتي ويدخل جنّة عَدْنٍ فيلزم قضيباً غَرسَهُ ربّي بيده(3) فليتولَّ عليّاً والأوصياء مِن بعده وليسلّم لفضلهم ، فإنّهم الهُداة المرضيّون ، أعطاهم الله فهمي وعِلمي ، وهم عِترتي مِن لَحمي ودَمي ، إلى الله أشكو عدوَّهم مِن اُمَّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صِلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، لا أنالهم الله شفاعَتي» .
4 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن شجرة ، عن سَلامٌ الجعفيِّ ، عن عبدالله بن محمّد الصّنعانيِّ ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : كان رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا دخل الحسين عليه السلام جذَبه
____________
1 ـ راجع تفسير فرات بن إبراهيم .
2 ـ هو سعد بن طريف ، وكان صحيح الحديث.
3 ـ يأتي تحت رقم 7 وفيه : «ويدخل جنّتي جنّة عدن غرسها ربّي بيده فليتولّ عليّاً» .

( 69 )

إليه ، ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليه السلام : أمسكه ، ثمَّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيقول : يا أبه لم تبكي ؟ فيقول : يا بني اُقبّل موضع السّيوف منك وأبكي ، قال : يا أبه واُقتَل ؟ قال: إي والله وأبوك وأخوك وأنت ، قال : يا أبه فمصارعنا(1) شتّى؟ قال : نعم يا بنيَّ ، قال : فمن يزورنا مِن اُمّتك ؟ قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصّدِّيقون مِن اُمّتي » .
5 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ(2) ، عن أبي سعيد الحسن ابن عليِّ بن زَكريّا العَدْوِيِّ البَصريِّ قال : حدّثنا عمر [و] بن المختار قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ بِشر ، عن القَوّام مولى قريش «قال : سمعت مولاي عُمَرَ بنَ هُبيرَة قال : رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والحسن والحسين في حِجرِه ـ يقبّل هذا مرَّةً وهذا مرَّةً ، ويقول للحسين : إنّ الويل(3) لمن يقتلك» .
6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد القَمّاط(4) ، عن ابن أبي يَعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في منزل فاطمة ؛ والحسين في حِجره إذ بكى وخَرَّ ساجداً ، ثمَّ قال : يا فاطمة يا بنت محمّد إنّ العليَّ الأعلى ترائى(5) لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيْئَة فقال لي : يا محمّد أتحبُّ الحسين؟
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «فمصادرنا» ، والمصدر : المرجع ، والمصادر كناية عن القبور ، لاُنّها منها الرّجوع إلى الآخرة ، والأظهر أنّه تصحيف : «فمصارعنا» كما في المتن . (من البحار) .
2 ـ هو أبو جعفر القمّي ، كان ثقة وجهاً ، كاتب صاحب الأمر عليه السلام وسأله مسائل في أبواب الشّريعة . (جش ، صه) .
3 ـ الوَيْل : الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب . (النّهاية).
4 ـ اختلف في اسمه ، والظّاهر هو خالد بن سعيد الكوفي الثّقة ، روى عن أبي عبدالله عليه السلام ، له كتاب ، روى عنه محمّد بن سنان (جش ، صه) ومحمّد بن عيسى هو العبيديّ اليقطينيّ .
5 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : «إنّ العليّ الأعلى» أي رسوله جبرئيل ، أو يكون التّرائي كناية عن غاية الظّهور العلميّ ، و «حسن الصّورة» كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له ، و «وضع اليد» كناية عن إفاضة الرّحمة ـ انتهى . أقول : يأتي مثله وفيه : «والله يزوره» ، وأيضاً : «إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار الحسين عليه السلام» ، ولكلّ واحدٍ منهما بيانٌ ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع الباب الثّامن والثّلاثين تحت رقم 4 ، والباب الثّامن والسّتين تحت رقم 1.

( 70 )

قلت : يارَبِّ قُرَّةُ عَيني ورَيحانتي ، وثَمَرةُ فُؤادي ، وجَلْدَة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يَدَه على رأس الحسين عليه السلام ـ بُورك مِن مولودٍ عليه بَرَكاتي وصَلاتي ورَحمتي ورِضواني ،
[ونِقْمتي] ولَعْنَتي وسُخُطي وعَذابي وخِزْيي ونَكالي على مَن قَتَلَه وناصَبه وناواه(1) ونازَعَه ، أما إنّه سيِّد الشُّهداء مِن الاُوَّلين والآخرين في الدُّنيا والآخِرة ، وسيِّد شَباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين ، وأبوه أفضل منه وخيرٌ ، فاقرأهُ السَّلام وبَشِّره بأنّه رايةُ الهُداي ، ومَنارُ أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خَلْقي ، وخازِن علمي ، وحُجَّتي على أهل السَّماوات وأهل الأرَضين ، والثَّقَلَين الجنّ والإنس» .
7 ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن حمّاد الكوفيّ ، عن إبراهيمَ بن موسى الأنصاريّ قال : حدَّثني مُصْعَب(2) ، عن جابر ، عن محمّد بن عليٍّ عليهما السلام «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من سَرَّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنَّتي ـ جَنّة عدنٍ غرسَها ربّي بيده ـ فليتولّ عليّاً ويعرف فضله والأوصياء من بعده ، ويتبرّء مِن عَدوِّي . أعطاهم اللهُ فَهمي وعلمي ، هم عِترتي من لَحمِي ودَمي ، أشكو إلى رَبي عدوَّهم ، من اُمّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، ثمّ لا تنالهم شفاعتي» .

الباب الّثالث والعشرون
(قول أمير المؤمنين عليه السلام في قتل الحسين عليه السلام ، وقول الحسين له في ذلك)

1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرّزَّاز القرشي قال : حدَّثني خالي محمّد بن ـ
____________
1 ـ أي عاداه ، وأصله الهمز.
2 ـ الظاهر هو مصعب بن يزيد الأنصاري ، وقال أبو جعفر بن بابويه : إنه عامل أمير المؤمنين عليه السلام . وشيخه ابن يزيد الجعفي.

( 71 )

الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن عبدالرَّحمن بن سَيابة ، عن أبي داودَ السّبيعيِّ(1) ، عن أبي عبدالله الجدليِّ «قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام والحسين إلى جنبه ، فضرب بيده على كتف الحسين ، ثمّ قال : إنّ هذا يقتل ولا ينصره أحدٌ ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين واللهِ إنْ تلك لحياة سَوء ! قال : إنَّ ذلك لكائن» .
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ؛ ومحمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله .
2 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن ـ أبي الخطاب ، عن نصر ابن مُزاحم ، عن عُمَرَ بن سعد (2) ، عن يزيد بن إسحاقَ ، عن هانىء ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام « قال : قال علي عليه السلام للحسين : يا أبا عبدالله أسوة أنت قدما (3 ، فقال : جعلت فداك ما حالي ؟ قال : علمت ما جهلوا ، وسينتفع عالم بما علم ، يا بني اسمع وأبصر من قبل أن يأتيك ، فوالذي نفسي بيده ليسفكن بنو أمية دمك ثم لا يزيلونك عن دينك (4) ، ولا ينسونك ذكر ربك ، فقال الحسين عليه السلام : والذي نفسي بيده حسبي ، أقررت بما أنزل الله ، وأُصدّق [ قول ] نبي الله ، ولا أكذب قول أبي ».
حدثني أبي ـ رحمه الله ؛ عن سعد بن عبدالله ؛ ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بإسناده مثله.
3 ـ وحدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن خاله محمد بن الحسين ، عن نصر ابن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن
____________
1 ـ كذا ، وفي البحار : «البصري».
2 ـ هو عمر بن سعد بن أبي الصّيد الأسديّ من مشايخ نصر بن مزاحم ، وما في جلّ النّسخ : «عمرو بن سعيد» الظّاهر تصحيف هنا وما سيأتي .
3 ـ أي ثبت قديماً أنّك اُسوة الخلق ، يقتدون بك ، أو المصابون يتأسّون بذكر مصيبتك.
4 ـ في البحار : «لا يريدونك» أي لا يريدون صرفك عن دينك .

( 72 )

عليٍّ عليه السلام «قال : ليقتل الحسين قتلاً ، وإنّي لأعرف تربة الأرض الّتي يقتل عليها قريباً من النَّهرين».
حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله .
4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين(1) جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن أبي الصَّهْبان(2) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجران ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن فَضَيل الرّسّان ، عن أبي سعيد عَقيصا(3) «قال : سمعت الله بن عليٍّ عليهما السلام وخلا به عبدالله بن الزُّبير وناجاه طَويلاً ، قال: ثمَّ أقبل الحسين عليه السلام بوَجهه اليهم وقال : إنَّ هذا يقول لي : كنْ حَماماً مِن حَمام الحَرَم ، ولأن اُقتل وبيني وبين الحرم باعٌ أحبُّ إليَّ من أن اُقتل وبيني وبينه شِبرٌ ، ولأن اُقتل بالطّفّ أحبُّ إليّ من أن اُقتل بالحَرَم» .
5 ـ وعنهما(4) ، عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بن فَرْقَد ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال عبدالله بن الزُّبير للحسين عليه السلام : [و] لو جئتَ إلى مَكّة فكنت بالحرم ، فقال الحسين [بن عليٍّ] عليهما السلام : لانستحلّها ولا تستحلَّ بنا ، ولأن اُقْتَل على تَلِّ أَعْفَرَ(5) أحبُّ إليَّ مِن أن اُقْتَل بها» .
____________
1 ـ كذا في النّسخ ، ويظهر من البحار تصحيفه ، ففيه : «حدّثني أبي ؛ وابن الوليد ـ إلخ».
2 ـ اسم أبي الصّهبان عبدالجبّار . وفضيل الرّسّان هو ابن الزَبير الأسديّ ، عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام مرّة ، واُخرى من أصحاب الصّادق عليه السلام.
3 ـ عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال : اسمه دِينار ، يكنّى أبا سعيد ، ولقبه عَقيصى ، وإنّما لُقّب بذلك لشعرٍ قالَه .
4 ـ يعني أباه وعليّ بن الحسين بن بابويه المتقدّم على ما يظهر من المتن .
5 ـ قال الجوهريّ : الأعفر: الرّمل الأحمر ، وقال المسعوديّ في المروج : «تلَ أعْفَرَ» من بلاد ديار ربيعة. وفي معجم الحَمَويّ : تلّ أَعْفَرَ هو اسم قلعة وربض بين سِنْجار والموصل في وسط وادٍ فيه نهر جارٍ ، وأيضاً : بُلَيدة قرب حصن مَسْلَمَة بن عبدالملك ، بين حصن مسلمة والرّقّة من نواحي الجزيرة .

( 73 )

6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن(1) ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن أبيه ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : إنّ الحسين عليه السلام خرج من مكّة قبل التروية بيوم فشيعة عبدالله بن الزُّبير فقال : يا أبا عبدالله لقد حضر الحجّ وتدعَه وتأتي العِراق؟ فقال : يا ابن الزُّبير لأنْ اُذْفن بشاطىء الفُرات أحبُّ إليَّ مِن أن أذْقن بِفناء الكعبة» .
7 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله عليه السلام «إنّ الحسين بن عليٍّ عليهما السلام قال لأصحابه ـ يوم اُصيبوا ـ : أشهد أنّه قد أذن في قتلكم فاتَّقوا الله واصبروا» .
حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن الحسين بن أبي العَلاء مثله .
8 ـ وحدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن رئاب ، عن الحلبيِّ «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنَّ الحسين عليه السلام صلّى بأصحابه الغَداة ، ثمَّ التفت إليهم فقال : إنّ الله قد أذن في قتلكم ، فعليكم بالصّبر»(2) .
9 ـ حدّثني الحسن ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن يَعقوبَ بن شُعَيب ، عن حسين بن أبي العلاء «قال : قال : والَّذي رفع إليه العرش لقد حدّثني أبوك بأصحاب الحسين لا ينقصون رَجُلاً ولا يزيدون رَجلاً تعتدي بهم هذه الاُمّة كما اعتدت بنو إسرائيل يوم السبت وقتل يوم السّبت يوم عاشوراء»(3) .
____________
1 ـ يعني ابن الوليد ، و«أحمد بن محمّد» هو الأشعريّ و«أبو الجارود» هو زياد بن المنذر.
2 ـ قال في البحار : أي قدّر قتلكم في علمه تعالى ، ويحتمل أن يكون «آذن» أي أخبر بأنّكم مقتولون.
3 ـ هكذا وجدنا الخبر ، ولعلّه سقط منه شيءُ . (البحار) .

( 74 )

10 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي(1) ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النَّضر بن سُوَيد ، عن يحيى بن عِمرانَ الحلبيِّ ، عن الحسين بن أبي العَلاء ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ الحسين عليه السلام صلّى بأصحابه يوم اُصيبوا ، ثمّ قال : أشهد أنّه قد أذن في قتلِكم ، يا قومِ فاتّقوا الله وأصبروا» .
11 ـ حدَّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد قال : حدَّثني عبدالرَّحمن الأسلَميُّ ، عن عبدالله بن الحسين ، عن عُروةَ بن الزُّبير «قال : سمعت أبا ذَرٍ ـ وهو يومئذٍ قد أخرجَهُ عثمان إلى الرَّبذَة ـ فقال له النّاس : يا أبا ذرَ أبشر ، فهذا قليل في الله تعالى ، فقال : ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليّ عليهما السلام قتلاً ـ أو قال: ذبح ذبحاً ـ ؟! والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الحسين أعظم قتلاً منه ، وإن الله سَيسلُّ سيفه على هذه الاُمّة ، لا يغمده أبداً ، ويبعث ناقماً من ذرّيته فينتقم من النّاس ، وإنّكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهل السَّماء مِن قتله ، لبَكيتم والله حتّى تزْهَقَ أنفسُكم ، وما مِن سَماءٍ يمرُّ به رُوح الحسين عليه السلام إلاّ فزع له سبعون ألف مَلَكَ ، يقومون قياماً ترعد مفاصِلُهم إلى يوم القيامة ، وما مِن سَحابة تَمرُّ وتَرعَد وتَبرَق إلاّ لَعَنَتْ قاتِلَه ، وما مِن يومٍ إلاّ وتُعرَض روحُه على رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيلتقيان» .
12 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم ، عن عبدالسّمين(2) ـ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ـ «قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يخطب النّاس و
____________
1 ـ كذا في النّسخ ، وفي البحار أيضاً ، والظّاهر سقط هنا الواسطة بين مشايخه والأشعري ، وهو غالباً ـ كما مرّ كراراً ـ سعد بن عبدالله.
2 ـ كذا ، وفي بعض النسخ : «عبيدالسّمين» ، وقيل : الظّاهر أنّه عبدالحميد بن أبي العلاء الكوفيّ الشّهير بالسّمين ، فما في بعض النّسخ تصحيف . والخبر مذكور في أمالي الصّدوق مسنداً ، وفيه ، «عبيدالسّمين ، عن ابن طريف ، عن أصبغ بن نباتة ـ إلخ» .

( 75 )

هو يقول : سَلوني قبل أن تَفْقِدوني؛ فواللهِ ما تَسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلاّ نَبّأتكم به ، قال : فقام إليه سعد بن أبي وقَاص(1) وقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولِحْيتي مِن شَعرةٍ ، فقال له : والله لقد سألتَني عن مسألةٍ حدَّثني خليلي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّك ستسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك مِن شًعرة إلاّ وفي أصلها شيطان جالس ، وأنٌَ في بيتك لسَخلاً(2) يقتل الحسين ابني وعمر يومئذٍ يدرج بين يدي أبيه» .
13 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن طلحةَ بن زَيد ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن الحسين بن عليٍّ عليهم السلام «قال : قال : والّذي نفس حسين بيده لا يهنِّىء بني اُميّة ملكُهم حتّى يقتلوني وهم قاتلي ، فلو قد قتلوني لم يصلّوا جميعاً أبداً ولم يأخذوا عطاءً في سبيل الله جميعاً أبداً(3) ، إنَّ أوَّل قتيل هذه الاُمة أنا وأهل بيتي ، والّذي نفس حسينٍ بيده لا تقوم السّاعة وعلى الأرض هاشميٌ يطرف» .
حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد ابن يحيى الخَزّاز ، عن طلحة ، عن جعفر عليه السلام مثله .
14 ـ حدّثني جماعة مشايخي منهم : عليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين ؛ وإبراهيمَ بن هاشم جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن أبي جَميلَةَ المفضّل بن صالح ، عن شِهاب بن عَبدِ رَبّه ، عن أبي عبدالله عليه السلام «أنّه قال : لمّا صعد الحسين بن عليٍّ عليهما السلام عَقَبَةَ البطن قال لأصحابه : ما أراني إلاّ مَقتولاً ، قالوا : وما ذاك يا أبا عبدالله؟ قال : رؤيا
____________
1 ـ كذا ، وفيه كلام ، راجع تفصيله المجلّد الرّابع والأربعين من البحار ص257.
2 ـ السَّخْلة: ولد الشّاة.
3 ـ قال العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ : لعلّ المعنى : لم يوفّق النّاس للصّلاة جماعةً مع إمام الحقّ ولا أخذ الزّكاة وحقوق الله على ما يحبّ الله‏ إلى قيام القائم عليه السلام ، وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان .

( 76 )

رأيتها في المنام ، قالوا : وما هي ؟ قال : رأيت كِلاباً تَنهشني ؛ أشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع» .
15 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزّيّات ، عن عبدالله بن بُكير ، عن زُرارة ، عن ابي جعفر عليه السلام «قال : كتب الحسين بن عليِّ مِن مكّة إلى محمّد بن عليٍّ : «بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم ؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ(1) ومَن قَبِلَه مِن بني هاشم ؛ أمّا بعد فإنَّ مَنْ لَحِقَ بي اسْتُشْهِد ، ومَنْ لَم يَلْحَقْ بي لم يُدرِكِ الفَتْح ؛ والسَّلام»» .
قال محمّد بن عَمرو : حدَّثني كِرام عبدالكريم بن عَمرو ، عن مَيْسَر بن عبدالعزيز ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال: كتب الحسين بن عليٍّ عليهما السلام إلى محمّد بن عليٍّ من كربلاء : «بِسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ ومَن قِبَلَه مِنْ بني هاشم ، أمّا بعد ، فكأنَّ الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ ، وكأنَّ الآخِرَةَ لمْ تَزَلْ ، والسَّلام»» .

الباب الرّابع والعشرون
(ما استدلَّ به على قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام في البلاد)

1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ـ عن رَجل ـ عن يحيى بن بشير «قال : سمعت أبا بصير يقول : قال أبو عبدالله عليه السلام : بعث هِشام بن عبدالمَلِك إلى أبي فأشخصه إلى الشّام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر أشخصناك لنَسْألك عن مسألةٍ لم يصلح أنْ يسألك عنها غَيري ، ولا أعلم في الأرض خَلْقاً ينبغي أنْ يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلاّ واحداً ، فقال أبي : ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبَّ ، فإن عَلِمتُ أُجبتُ ذلك؛ وإن لم أعْلَمْ قلتُ : لا أدري ؛ وكان الصّدق
____________
1 ـ يعني أخاه ابن الحنفيّة ـ رضي الله عنه ـ .
( 77 )

أولى بي ، فقال هِشام : أخبرني عن اللَّيلة الّتي قُتِل فيها عليُّ بن أبي طالب بما استدلّ به الغائب عن المصر الَّذي قُتل فيه على قتله ، وما العَلامة فيه للنّاس فإن علمتَ ذلك وأجبتَ فأخبرني هَلْ كان تلك العَلامة لغير عليٍّ في قَتلِه ، فقال له أبي : يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قُتِلَ فيها أمير المؤمنين لم يرفع عن وجه الأرض حَجَرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دَمٌ عَبيط حتّى طلع الفَجر ، وكذلك كانت الليلة الَّتي قتل فيها هارون أخو موسى ، وكذلك كانتِ اللَّيلة التي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانتِ الليلة التي رفع فيها عيسى بن مَريم إلى السّماء ، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيها شَمعون بن حمون الصّفا ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب ، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيه الحسين بن عليٍّ .
قال : فتربَّد(1) وجهُ هِشام حتّى انتُقع لَونُه(2) وهَمَّ أن يبطش بأبي ، فقال له أبي : يا أمير المؤمنين الواجب على العِباد الطّاعة لإمامهم والصِّدق له بالنَّصيحة ؛ وإنَّ الَّذي دعاني إلى أن اُجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه مَعرفتي إيّاه بما يجبُ له عليَّ من الطّاعة؛ فليحسن أمير المؤمنين عليَّ الظَّنَّ ، فقال له هِشام : انصرف إلى أهلك إذا شئت ، قال : فخرج فقال له هشام عن خروجه : أعطِني عهدَ الله وميثاقَه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحَدٍ حتّى أموت ، فأعطاه أبي مِن ذلك ما أرضاه ـ وذكر الحديث بطوله ـ »(3) .
____________
1 ـ تربَّدَ وجه فلانٍ أي تغيّر مِن الغضب.
2 ـ على بناء المجهول ، أي تغيَّر مِن حزنٍ أو سرورٍ.
3 ـ ما جاء في هذا الباب كان ممّا تواتر عند المحدِّثين والمؤخِّرين مِن العامّة والخاصَّة واعترف به المخالفون ، راجع تفاسيرهم ذيل قوله تعالى : «فما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ ـ الآية» [الدّخان : 29] وأيضاً تفسير الدّرّ المنثور ج6 ص30 ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ج7 ص 148 ، والخصائص الكبرى ج2 ص126 ، وتهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج2 ص254 ، وتاريخ الخلفاء للسّيوطيّ ، ومجمع الزَّوائد للهيثميّ ، وغيرهم من العامّة ، وجلّ المحدّثين من الخاصّة. نقل ابن عساكر بإسناده عن ابن سيرين أنّه قال: «لم تبك السَّماءُ على أحدٍ

( 78 )

2 ـ حدَّثني أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقِد(1) قال : حدَّثني عبدالرَّحمن البلخيُّ . وقال لي أبو الحسين : وأخبرني عمّي عن أبيه ، عن أبي نَضْرة
____________
بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسن بن عليّ» عليه السلام ، وقال : «لم نكن نرى هذه الحمرة في السَّماء حتّى قُتل الحسين بن عليٍّ» عليهما السلام ، وعن خلف بن خليفة ، عن أبيه قال : «لمّا قتل الحسين اسودَّتِ السّماءُ وظهرت الكواكب نهاراً ، حتّى رأيتُ الجَوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر» . وعن خَلاّد ـ وكان ينزل بني جُحدر ـ قال : «حدَّثتني اُمّي ، قالتْ : كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإنَّ الشَّمس تطلع محمرَّة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ ، قالت : وكانوا لا يرفعون حَجَراً إلاّ يوجد تحته دم» ، وعن نصرة الأزديّة قالت : «لمّا أنْ قتل الحسين مطرتِ السَّماء دماً ، فأصبحت وكلّ شيءٍ لنا ملآن دَماً» وعن جعفر بن سالم قال: حدَّثَتْني خالتي اُمّ سالم قالت : «لمّا قتل الحسين مطرنا مطراً كالدَّم على البيوت والجدر ، قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة» ، وقال بوّاب عبيدالله بن زياد : «لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تَسايَل دَماً» ، وعن اُمّ حيّان قالت : «يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً ، ولم يَمَسَّ أحدٌ مِن زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه على وجهه إلاّ احترق ، لم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دم عبيط» . (العبيط من الدَّم : الخالص الطّريّ) .
وعن محمّد بن عمر بن عليّ : «أرسل عبدالملك إلى ابن رأس الجالوت فقال : هل كان في قتل الحسين عَلامَة؟ قال ابن راس الجالوت: ما كشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط» .
وقال الحافظ نور الدّين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ في كتابه المعروف بـ «مجمع الزّوائد» (ج9 ص196 ، دار الكتاب: بيروت ـ لبنان) روى الطّبراني بسند ـ رجاله ثقات ـ عن الزُّهريّ «قال : قال لي عبدالملك : أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين؟ فقال : قلت : لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط ، فقال لي عبدالملك ، إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان» .
وعن الزّهريّ «قال : ما رفع بالشّام حجرٌ يوم قتل الحسين بن عليّ إلاّ عن دم» ، وقال : رواه الطّبراني ورجاله رجال الصّحيح .
وعن اُمّ حكيم «قالت : قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية ، فمكثتِ السّماء أيّاماً مثل العلقة» ، قال : رواه الطّبرانيّ ورجاله إلى اُمّ حكيم رجال الصّحيح . أقول: «اُمّ حكيم» صّحابيّة .
1 ـ تقدّم في ص74 وفيه : «محمّد بن عبدالله بن عليّ النّاقد ، عن عبدالرّحمن الأسلمي» .

( 79 )

عن رَجل من أهل بيت المقدس ـ «أنّه قال : والله لقد عرفنا أهل بيت المَقْدِس ونواحيها عَشيّةَ قتل الحسين بن عليٍّ [عليهما السلام] ، قلت : وكيف ذاك؟ قال : ما رَفعنا حَجَراً ولا مَدَراً ولا صخراً إلاّ ورأينا تحتها دَماً عَبيطاً يغلي ، واحمرَّت الحيطان كالعلق ، ومطر ثلاثة أيّام دَماً عَبيطاً ، وسمعنا منادياً ينادي في جوف اللّيل يقول :

أَتَرْجُو اُمَّةٌ قَــتَلَتْ حُسَيْناً * شَفاعَةَ جَدِّهِ يَومَ الحــِسابِ
مَعــاذَ اللهِ ! لا نِلْتُمْ يَقيناً * شَفاعــَةَ أحْمَدَ وَأبي تُرابِ
قَتَلْتُمْ خَيْرَمَنْ رَكبَ الْمَطايا * وَخَيْرَ الشَّيـْبِ طَرّا وَالشَّبابِ

وانكسفت الشَّمس ثلاثة أيّام(‍‍‍1) ثمَّ تجلّت عنها وانشبكت النُّجوم(2) ، فلمّا كان مِنَ الغَد اُرجفنا بقتله ، فلم يأت علينا كثير شيءٍ حتّى نعي إلينا الحسين عليه السّلام» .
3 ـ حدَّثنا أبو الحسن أحمدَ بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد بإسناده قال : قال عُمَر ابن سعد : حدَّثني أبو معشر ، عن الزُّهريّ «قال : لمّا قتل الحسين عليه السلام لم يبق في بيتِ المَقْدِس حصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط» .

الباب الخامس والعشرون
(ما جاء في قاتل الحسين وقاتل يحيى بن زكريّا عليهم السلام)

1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كان قاتل
____________
1 ـ في البحار : «انكسفت الشّمس ثلاثاً» . والمراد : أنّا رأيناها منكسفاً في أعيننا .
2 ـ كذا في النّسخ ، وفي البحار أيضاً ، والصّواب : «اشتبكت النّجوم» ، وفي اللّسان: اشتبكت النّجوم : أي ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها .

( 80 )

يحيى بن زَكريّا ولد زنا ، وكان قاتل الحسين عليه السلام ولد زنا ، ولم تبكِ السَّماء إلاّ عليهما» .
حدّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن فَضالَةَ بن أيّوب ، عن كُلَيْب بن معاوية الأسديِّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله .
2 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ، عن عَمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنَّ في النار لمنزلة لم يكن يستحقّها أحدٌ من النّاس إلاّ قاتل الحسين بن عليٍّ ، ويحيى بن زكريّا عليهم السلام» .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعته يقول : تقتل واللهِ ذَراري قَتَلَةِ الحسين بفعال آبائها»(1)>
4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن ابن بُكَير ، عن زُرارةَ ، عن عبدالخالق ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كان قاتل الحسين عليه السلام ولد زنا ، وقاتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا» .
5 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب ، عن عليّ بن النّعمان ، عن مُثنّى ، عن سَدِير «قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إنَّ الله [جلَّ وعَزَّ] جعل قتل أولاد النَّبيّين من الاُمم الماضية(‌‌‌‌‌2) على يدي أولاد زنا» .
6 ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن صَفوان بن يحيى ، عن داود بن فَرقَد ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : كان الّذي قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ولد زنا ، والَّذي قتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا» .
____________
1 ـ لأنّهم يرضون بفعال آبائهم .
2 ـ في البحار : «في الأمم الماضية» .

( 81 )

7 ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليِّ بن أسباط ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد ـ عن بعض رجاله ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «في قول فرعونَ : «ذَرُوني أقتُلْ مُوسى(1)» ، فقيل له : مَن كان يمنعه؟ قال : كان لَرِشْذَة(2) ، لأنَّ الأنبياء والحُجَج لا يقتلهم إلاّ أولاد زنا والبغايا» .
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن محمّد بن الحسين بهذا الحديث(3) .
8 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عُمَير ـ عن بعض أصحابه ـ عن ابن مُسكان ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قاتل الحسين بن عليِّ ولد زنا» .
9 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمانَ بنِ عيسى ، عن عَمرِو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : لا يقتل النَّبيّين وأولاد النَّبيّين إلاّ أولاد زنا» .
10 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن عبدالعظيم ابن عبدالله بن عليِّ الحَسَنيِّ ، عن الحسن بن الحسين العَمريّ ، عن الحسين بن شَدّاد الجعفيِّ ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلاّ ولد زنا» .
11 ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ بن الفَضّال ، عن مَروان بن مسلم ، عن إسماعيلَ بن كثير «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : كان قاتل الحسين بن عليٍّ ولد زنا ، وكان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا ، ولم تبكِ السّماء والأرض إلاّ لهما ـ وذكر الحديث ـ » .
____________
1 ـ غافر : 26 .
2 ـ الرَشدة ـ بفتح الرّاء وكسرها ـ : «ضدّ الزّنية ، يقال : ولد لرشدة.
3 ـ في بعض النّسخ: «بهذه الأحاديث» .