إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اجوبة ملزمة لشبهة اللعن في زيارة عاشوراء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اجوبة ملزمة لشبهة اللعن في زيارة عاشوراء

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قد لاتكون الشبهة المذكورة جديدة في المقام فقد تناولتها اقلام المؤالف والمخالف نقضاً وابراماً وحاول البعض من خلالها التشكيك في صدور رواية زيارة عاشوراء من الائمة عليهم السلام الا اننا احببنا ان نذكر جوابا شافياً كافيا ملزما لهم علهم يرعوون عن طرح مثل هذه الشبهات.
    واولا نذكر الشبهة:
    لا ريب انَّ اللعن والسُباب والشتم بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش لا يصدر من ذوي المروءة فضلاً عن الأتقياء وذوي الورع، فكيف يصدر اللعن في زيارة عاشوراء؟
    الجواب:
    لابد اولا ان نميز بين السب واللعن فالَّلعن دعاءٌ بالطرد من رحمة الله أو هو دعاء بالسخط من الله تعالى، وأما السُباب فهو الوصف لأحدٍ بما يُشينه ويُنفص من قدره كنسبته إلى بعض العيوب أو بعض المحقِّرات كالحيوان أو مواجهته بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش.

    واللعن جائز بلا خلاف ويكفيك ما ورد في القران الكريم في لعن المستحق لذلك منها قوله تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلى يَوْمِ الدِّينِ1 ولعن طوائف من الناس لاجتراحهم ذنوباً نصَّ عليها القرآن في سياق اللعن:
    فمن الذنوب التي لعن القرآن المُجترِح لها هي نسبة ما لا يليق بجلال الله تعالى إلى الله جلَّ وعلا، قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا2 .

    ومنها: أي ومن تلك الذنوب الموجبة للَّعن هي كتمانُ الحقِّ والهدى، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ3 .

    ومنها: العدوان، والتمادي في المعصية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ4 .

    ومنها: نقضُ الميثاق، والخيانة، والإعراضُ عن الأوامر التي ذكَّر الله تعالى بها وفرضها عليهم قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ..5.

    ومنها: الكذبُ على الله جلَّ وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ6

    ومنها: التحريفُ للكلم، والطعنُ في الدين، والجحودُ لما أنزله اللهُ تعالى، والتجاوز لفرائض الله جلَّ وعلا، قال تعالى: ï´؟مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا7 .

    ومنها: رميُ المحصنات الغافلات المؤمنات بالفجور والفاحشة، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ8 .

    ومنها: النفاق، واحداث الفتن بين الناس، قال تعالى: ï´؟لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا9 .

    ومنها: الإيذاء لله تعالى وللرسول (ص)، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا10 .

    ومنها: الزعامة في الدعوة إلى ما يُوجب الدخول في النار، وهؤلاء هم المُعبَّر عنهم بأئمة الضلال، قال تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ11 .

    ومنها: التصدِّي للزعامة والولاية للإفساد في الأرض وقطع الأرحام، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم12 .

    ومنها: قطعُ ما أمر اللهُ تعالى بوصله، ونقضُ العهود التي أُخذت عليهم من الله تعالى، والإفسادُ في الأرض، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ13 .

    ومنها: الدأبُ على الكذب، والدأب على الظلم، قال تعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ14 وقال تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ15 وقال تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ´16 .

    فإذا كان القرآن الكريم قد لعن كلَّ هؤلاء فما هو الوجه في استبعاد صدور زيارة عاشوراء وغيرها من الزيارات لمجرَّد اشتمالها على اللعن؟! فهل الملعونون في الزيارات المأثورة أحسنُ حالاً من هؤلاء الذين لعنهم القرآن؟! أليس هؤلاء مُنطبَقاً للعديد من موارد اللعن في القرآن الكريم؟! ألم يكونوا من أجلى مصاديق الظالمين الذين قال الله تعالى فيهم: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ17 ، ألم ينقضوا عهد الله بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله تعالى بوصله وعاثوا في الأرض فسادا، فهم مصداقٌ جليٌّ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ18 ومصداق جليٌّ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم19 .

    أليس فيهم زعماء البغاة كمعاوية الذين خرجوا على الإمام عليٍّ (ع) وقتلوا عمار بن ياسر، وقد أجمع المحدِّثون من الفريقين أنَّ رسول الله (ص) قد قال: "ويحُ عمار تقتله الفئةُ الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"20 فهؤلاء بنصِّ رسول الله (ص) مصداقٌ لقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ21 .

    أليس فيهم من كتمَ الحقَّ وجحد بما أنزل اللهُ تعالى في كتابه وعلى لسان نبيِّه (ص) ودلَّسوا ولبَّسوا وكابروا وضلَّوا وأضلوا وصرفوا الحقَّ عن أهله وكذبوا على رسول الله (ص) فهم أولى الناس بقوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ´22 وأولى الناس بقوله تعالى: ï´؟فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ´23 فهم قد جحدوا آية الولاية، وآية التطهير، وآية التبليغ، وحديث الغدير، وحديث الثقلين، وحديث الدار، وحديث المنزلة، وحديث الطائر المشوي، وحديث السفينة، والعشرات بل المئات من الأحاديث التي صدعَ بها الرسول الكريم (ص).

    أليس مَن لعنتهم زيارة عاشوراء والزيارات المأثورة هم مَن آذى رسول الله (ص) في في تجاوز وصاياه وأوامره بل وآذاوه في محضره في مثل يوم العقبة يوم عقدوا العزم وعمِلوا على اغتياله حين رجوعه من تبوك فقال الله تعالى: وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ24 ويوم رزية الخميس ثم لم يرعووا عن ايذائه بل تمادَوا فيه بالإصرار على تجاوز ما أمر اللهُ به وصدع به رسولُه (ص) وآذاوه في عترته منذُ أول يومٍ رحل فيه الرسول (ص) إلى ربِّه، فحرموهم ليس من مواقعهم وحسب بل حرموهم حتى من ميراثهم وما جعله اللهُ وسولُه (ص) لهم ثم مكَّنوا الطلقاء والمنافقين على غير أهليَّة من رقاب المسلمين فعدَوا على أهل بيت الرسول (ص) لعناً على المنابر وفي المحافل، وبهتاناً، وتقتيلاً، وسبياً وتشريداً، فهل من أحدٍ أولى بهذه الآية من هؤلاء ؟! وهي قوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا25 .
    -------
    سورة ص الآية/78.
    سورة المائدة الآية/64.
    سورة البقرة الآية/159.

    سورة المائدة الآية/78.
    سورة النساء الآية/155.
    سورة هود الآية/18.
    سورة النساء الآيتان/46-47.
    سورة النور الآيتان/23-24.
    سورة الأحزاب الآيتان/60-61.
    سورة الأحزاب الآية/57.
    سورة القصص الآيتان/41-42.
    سورة محمد الآيتان/22-23.
    سورة الرعد الآية/25.
    سورة آل عمران الآية/61.
    سورة آل عمران الآية/61.
    سورة غافر الآية/52.
    سورة الأعراف الآية/44.
    سورة الرعد الآية/25.
    سورة محمد الآيتان/22-23.
    مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص91. / صحيح البخاري: ج3 ص207. / صحيح ابن حبان: ج15 ص554.
    سورة القصص الآيتان/41-42.
    سورة البقرة الآية/159.
    سورة آل عمران الآية/61.
    سورة التوبة الآية/74.
    سورة الأحزاب الآية/57.


  • #2
    وما تقدم قد قيل كثيراً في جواب الشبهة ونحن هنا نحب ان نذكر جواباً اخر:
    وهو انه ورد في لعن المستحِل من عترة الرسول (ص) ما حرَّم الله روايات كثيرة نكتفي -خشية الإطالة- بذكر حديثٍ واحد تجاوزت طرقه حدَّ الإستفاضة عند الفريقين إلا انَّه سوف نذكره من بعض طرق العامة وهو ما رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص): ستة لعنهم الله وكلُّ نبي مجاب: المكذِّب بقدر الله، والزائد في كتاب الله، والمتسلط بالجبروت يُذلُّ من أعزَّ الله ويُعزُّ من أذلَّ الله، والمستحلُّ لحرم الله، والمستحلُّ من عترتي ما حرَّم الله، والتارك لسنتي".

    قال الحاكم النيسابوري تعليقاً على سند الحديث: قد احتج البخاري بعبد الرحمن بن أبي الرجال وهذا حديث صحيح الاسناد، ولا اعرف له علة ولم يخرجاه،[1] وقال الحاكم في موضع آخر تعليقاً على سند الحديث: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه[2].

    وفي الدر المنثور للسيوطي قال: واخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن عائشة ثم ساق الحديث[3] وأورد الهيثمي في مجمع الزوائد قال: عن عائشة أنَّ رسول الله (ص) قال: ستة لعنتُهم وكلُّ نبيٍّ مجاب الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمستحلُّ لمحارم الله والمستحلُّ من عترتي ما حرَّم الله وتاركُ السنة".

    قال الهيثمي تعليقاً على سند الحديث: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، وقد صححه ابن حبان[4].

    فإذا كان المستحل من عترة الرسول (ص) ما حرَّم الله تعالى ملعوناً على لسان النبيِّ الأمي (ص) وعلى لسان كلِّ نبيٍّ مجاب فما هو المبرِّر للتشكيك في صدور زيارة عاشوراء لمجرَّد اشتمالها على اللعن؟! ألم يكن الحسين (ع) من عترة الرسول (ص) ألم يكن سبطَه وريحانتَه؟! أليس فيمن لعنتهم زيارة عاشوراء كانوا قد سفكوا دم الحسين (ع) ومثَّلوا بجسده؟! ألم يمنعوه واُسرته من ورود الماء ثلاثاً حتى استُشهد ظامئاً؟! ألم يهشِّموا بعد قتله أضلاعه وحطَّموا عظام ظهره وصدره بحوافر خيولهم؟! ألم يحتزُّوا رأسه الشريف ثم رفعوه على قناةٍ عالية وطافوا به في حواضر الإسلام؟! ألم يُقِّرع زعيمهم منتشياً شامتاً رأس الحسين وثناياه بقضيبه؟! ألم يُصادروا أموال الحسين (ع) ومتاعه بعد قتله بل وسلبوه حتى ثيابه التي يلبسها؟! ألم يقتلوا مَن كان معه من ذرية الرسول (ص) وكان فيهم الصبيُّ والرضيع؟! ألم يأخذوا قسراً بناتِ رسول الله (ص) بعد ترويعهنَّ اُسارى يُطاف بهنَّ في حواضر المسلمين؟!

    هذا وقد سبق يزيدَ وبطانتَه أبوه معاوية فاستحلَّ من عترة النبي (ص) ما حرَّم الله تعالى فشهر السلاح باغياً في وجه عليٍّ (ع) سيدِ العترة وعبَّأ الجيوش وحارب عليَّاً والحسنَ والحسين (ع) وقد قال رسول الله (ص) بسندٍ معتبر عن أبي هريرة قال: نظر النبيُّ (ص) إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: "انا حربٌ لمن حاربكم وسلمٌ لمن سالمكم" وعن زيد بن أرقم عن النبيِّ (ص) أنَّه قال لعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين: "انا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم"[5] فهو قد حاربهم وانتهك من عترة الرسول (ص) ما حرَّم الله، ثم عدى على الحسن بن علي سبطِ رسول الله (ص) رغم العهود والمواثيق فقتله بالسُم وقال: "إنَّ لله جنوداً من عسل"، وسنَّ لعنَ عليٍّ أمير المؤمنين (ع) وشتمه والتنقُّص منه على منابر المسلمين وفي محافلهم، فكان خطباء الجمعة في حواضر الإسلام يختمون خطبهم بلعن عليٍّ (ع) طيلة عهد معاوية ويزيد ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان وأبنائه هشام والوليد وسليمان إلى انْ جاء عمر بن عبد العزيز فمنع من سبِّ عليٍّ (ع) ولعنه على المنابر وفي خطب الجمعة، أليس هؤلاء الذين استحلَّوا ما حرَّمه الله في عترة نبيِّه (ص) وتسلَّطوا بالجبروت وأعزُّوا من أذلَّه الله وأذلُّوا من أعزَّه الله تعالى، أليس هؤلاء هم مَن لعنتهم زيارة عاشوراء وغيرها من الزيارات المأثورة؟!.



    [1] المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري - ج1 ص36.

    [2] المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري - ج 4 ص 90.

    [3] الدر المنثور في التفسير بالمأثور - جلال الدين السيوطي - ج 1 ص 122.

    [4] مجمع الزوائد – الهيثمي - ج7 ص205.

    [5] روى الحديث الأول أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن أبي هريرة ج2 ص442، ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، وقال: هذا حديث حسن وقال: له شاهد عن زيد بن أرقم وذكر النص الثاني وسنده إليه ج3 ص149، ووصفه الألباني في صحيح الجامع الصحيح بالحسن ج1 ص69 (14662)، ورواه ابن حبان في صحيحه ج15 ص434.


    تعليق


    • #3
      ومورد اخر ورد فيه اللعن على يزيد ومعاوية وهي الروايات الصحيحة في من هتك حرمة مدينة النبي صلى الله عليه واله واخاف اهلها فنذكر منها ما رواه أكثر أصحاب الصحاح والمسانيد بطرقهم عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: خطبنا عليٌّ فقال: قال رسول الله (ص): المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً.."[1].

      ومنها: ما رواه النسائي في السنن الكبرى بسنده عن السائب بن خلاد أنَّ رسول الله (ص) قال: "مَن أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل"
      [2].

      وروى أحمد بن حنبل بسنده عن السائب بن خلاد انَّ رسول الله (ص) قال: "من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا"
      [3].

      وعلَّق الألباني على سند الحديث في السلسلة الصحيحة، قال: أخرجه النسائي في السنن الكبرى والطبراني في المعجم الكبير من طريق يحيى بن سعيد عن مسلم بن ابي مريم عن عطاء بن يسار عنه وهذا اسناده صحيح على شرط الشيخين، قال: ثم اخرجوه هم وأبو نعيم في الحلية من طريق يزيد.. وزاد "ظالما لهم" اسناده صحيح على شرط الشيخين
      [4].

      ومنها: ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط بسنده عن عبادة بن الصامت عن رسول الله (ص) أنه قال: "اللهم مَن ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفْه، وعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل". قال الهيثمي تعليقاً على سند الحديث: رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح
      [5]، وقال المنذري تعليقاً على سند الحديث: رواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد جيِّد[6].

      فإذا كان المُحدِث في المدينة حرمِ الرسول (ص) والظالمُ والمخيفُ لأهلها ملعوناً من قبل الله وملائكته والناس أجمعين فما هو المسوِّغ للتشكيك في لعن زيارة عاشوراء لمعاويةَ ويزيد؟! بعد أن ثبت أنَّهما أحدثا عظائم الأمور في مدينة الرسول (ص) وأخافا وظلما أهلها من المهاجرين وأبناء المهاجرين والأنصار وأبناء الأنصار.




      [1]مسند أحمد بن حنبل ج1 ص 81 / صحيح البخاري ج4 ص67 / صحيح مسلم ج4 ص115 / سنن الترمذي ج3 ص297 / سنن البيهقي ج5 ص196 / السنن الكبرى للنسائي ج2 ص486.

      [2] السنن النسائي – النسائي - ج2 ص483.

      [3] مسند أحمد – الإمام أحمد بن حنبل - ج4 ص55.

      [4] السلسلة الطويلة – الألباني - ج6 ص 170.

      [5] مجمع الزوائد – الهيثمي - ج3 ص306.

      [6] الترغيب والترهيب – المنذري - ج2 ص232.

      تعليق


      • #4
        ما أحدثة معاوية في مدينة الرسول (ص):
        أمَّا معاوية فبعد قضية التحكيم سيَّر بُسر بن أرطاة على رأس جيشٍ إلى الحجاز وأمره أن يمرَّ بالمدينة المنورة ويُرعب أهلها ويسلب كلَّ ما أصابه من أموالهم ويُجبرهم على بيعته والدخول في طاعته.

        قال اليعقوبي وغيره من المؤرخين واللفظ له: "ووجَّه معاوية بسر بن أبي أرطاة، وقيل ابن أرطاة العامري، من بني عامر ابن لؤي، في ثلاثة آلاف رجل، فقال له: سر حتى تمرَّ بالمدينة، فاطرد أهلها، وأخف مَن مررت به، وانهب مال كلِّ مَن أصبت له مالاً ممَّن لم يكن دخل في طاعتنا، وأوهم أهل المدينة أنَّك تريد أنفسهم، وأنَّه لابراءة لهم عندك، ولا عذر، وسر حتى تدخل مكة، ولا تعرض فيها لاحد، وأرهب الناس فيما بين مكة والمدينة، واجعلهم شرادات.."
        [1].

        وهذا ما وقع قال الطبري في تاريخه وغيره واللفظ له: " ساروا من الشأم حتى قدموا المدينة وعامل عليٍّ (ع) على المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصاري ففرَّ منهم أبو أيوب فاتى بالكوفة، ودخل بُسر المدينة قال: فصعد منبرها ولم يقاتله بها أحد.... ثم قال: يا أهل المدينة والله لولا ما عهد إليَّ معاوية ما تركتُ بها محتلما إلا قتلتُه ثم بايع أهل المدينة وأرسل إلى بنى سلمة فقال: والله ما لكم عندي من أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله - الأنصاري- فانطلق جابر إلى أمِّ سلمة زوج النبي (ص) فقال لها: "ماذا ترين إنِّي قد خشيت أن أُقتل وهذه بيعة ضلالة" قالت: أرى أن تُبايع فإنِّي قد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أنْ يُبايع وأمرتُ ختني عبد الله بن زمعة... فأتاه جابر فبايعه، وهدم بسر دوراً بالمدينة" وفي تهذيب الكمال وتاريخ مدينة دمشق: "وهدم بسر دورا كثيرة بالمدينة"
        [2].

        وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: قال ابن يونس: بسر من أصحاب رسول الله (ص) شهد فتح مصر واختط بها وكان من شيعة معاوية، وكان معاوية وجَّهه إلى اليمن والحجاز في أول سنة أربعين وأمره أن يتقرَّا مَن كان في طاعة علي فيُوقع بهم ففعل بمكة والمدينة واليمن أفعالا قبيحة"
        [3].

        وقال المسعودي في مروج الذهب: "وقد كان بسر بن أرطأة العامري -عامر بن لؤي بن غالب- قتَلَ بالمدينة وبين المسجدين خلقاً كثيراً من خزاعة وغيرهم"
        [4].

        وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج: "روى عوانة عن الكلبي ولوط بن يحيى: ان بسرا.. وكانوا إذا وردوا ماء أخذوا إبل أهل ذلك الماء فركبوها، وقادوا خيولهم حتى يردوا الماء الآخر، فيردون تلك الإبل، ويركبون إبل هؤلاء، فلم يزل يصنع ذلك... حتى دخلوا المدينة. قال: فدخلوها، وعامل علي (ع) عليها أبو أيوب الأنصاري، صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرج عنها هارباً، ودخل بسر المدينة، فخطب الناس وشتمهم وتهدَّدهم يومئذ وتوعَّدهم، وقال: شاهت الوجوه!...ثم شتم الأنصار، فقال: ... اما والله لأوقعن بكم وقعة تشفى غليل صدور المؤمنين وآل عثمان. اما والله لأدعنكم أحاديث كالأمم السالفة. فتهدَّدهم حتى خاف الناس انْ يوقع بهم، ففزعوا إلى حويطب بن عبد العزى - ويقال انَّه زوج أمه - فصعد إليه المنبر، فناشده... فلم يزل به حتى سكن، ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه. ونزل فأحرق دورا كثيرة، منها دار زرارة بن حرون، أحد بنى عمرو بن عوف، ودار رفاعة بن رافع الزرقي، ودار لابن أبي أيوب الأنصاري ابن عبد الله الأنصاري... فأقام بسر بالمدينة أياما ثم قال لهم: انى قد عفوت عنكم: وان لم تكونوا لذلك بأهل... و لئن نالكم العفو مني في الدنيا، انى لأرجو الا تنالكم رحمة الله عز وجل في الآخرة، وقد استخلفتُ عليكم أبا هريرة، فإياكم وخلافة ثم خرج إلى مكة
        [5].

        قال ابن عبد البر في الإستيعاب: قال أبو عمرو الشيباني: "لما وجّه معاوية بسر بن أرطاة الفهري لقتل شيعة عليّ... فسار حتى أتى المدينة، فقتل ابني عبيد الله ابن العباس، وفرّ أهل المدينة، ودخلوا الحرّة حرّة بنى سليم.."
        [6]

        هذا بعض ما أحدثه معاوية في مدينة الرسول (ص) اقتحمها بجيشه كما يفعل الغزاة فأرعب أهلها وأخافهم وأذلَّهم وهم بقية المهاجرين والأنصار وأبناؤهم الذين أعزَّهم الله تعالى بنبيِّه (ص) ثم نزا أميرُه على منبر الرسول (ص) فأخذ يتهدَّدهم ويتوعَّدهم بالقتل والإستئصال حتى أخذ البيعة منهم لمعاوية قسراً وهم بعدُ لا زالوا في عهد امام المسلمين عليِّ بن أبي طالب (ع) ثم عاث في مدينة الرسول (ص) قتلاً ونهباً وسلباً لأموالهم وحرقاً وهدماً لدور فئةٍ منم وتشريداً لخيارٍ منهم.


        [1] تاريخ اليعقوبي – اليعقوبي - ج2 ص197.

        [2] تاريخ الطبري ج4 ص107 / الأستيعاب لابن عبد البر ج1 ص162 / الثقات لابن حبان ج2 ص200 / تاريخ دمشق لبن عساكر ج10 ص153 / تهذيب الكمال للمزي ج4 ص65 / المنتظم في تاريخ الامم ج5 ص162 / الكامل في التاريخ لابن الأثير ج3 ص383 / البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص356 / الوافي بالوفيات ج10 ص82.

        [3] تهذيب التهذيب لابن حجر ج1 ص 381 / تهذيب الكمال للمزي ج4 ص61 / تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج10 ص145.

        [4] مروج الذهب – المسعودي - ج3 ص 22.

        [5] شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد - ج2 ص11. / الغارات لإبراهيم الثقفي الكوفي ج2 ص 607.

        [6] الإستيعاب – ابن عبد البر - ج1 ص 160 / الوافي بالوفيات ج10 ص81.



        تعليق


        • #5
          ما أحدثه يزيد في مدينة الرسول (ص):
          وأما ما أحدثه يزيد بن معاوية في مدينة الرسول (ص) فهو أشهر من أنْ يحتاج إلى بيانٍ أو توثيق فقد اجتاح يزيد بجيشٍ جرار قوامه اثنى عشر ألفاً - كما أفاد ابن الأثير في الكامل - بقيادة مسلم بن عقبة المري اجتاح بهم مدينة الرسول (ص) سنة ثلاث وستين للهجرة في واقعةٍ شهيرة يعبَّر عنها بواقعة الحرة، فأوقع في أهلها القتل الذريع حتى قال بعض المؤرخين: كأن لم يبق في المدينة بعدها من رجل، فلم يبقَ بعد واقعة الحرة بدريٌّ، وقُتل من قريش ومن المهاجرين والأنصار سبعمائة، وقُتل من سائر الناس عشرة آلاف بين رجل وامرأة وحرٍ وعبد، والكثير من هؤلاء قُتل صبراً أي كانوا يُؤخذون أخذاً فتُضرب أعناقهم، هذا وقد وصلت الدماء إلى الروضة الشريفة من المسجد النبوي فالتجأ الناس إلى الحجرة الشريفة التي فيها قبر الرسول (ص) وتعلَّق آخرون بمنبره واعتصم الكثير منهم في الروضة بين منبره وقبره فتعقَّبتهم عساكر أهل الشام فقتلوا الناس في الحجرة الشريفة وفي الروضة وعلى المنبر.

          وأقحم مسلم بن عقبة المُرِّي -قائد الجيش اليزيدي- الجمال والخيول قبر رسول الله (ص) حتى روَّثت خيوله وجماله على قبر رسول الله (ص)

          والأنكى من ذلك انَّ يزيداً أمر قائده مسلم بن عقبة المرِّي بأنْ يُبيح المدينة لجيش الشام بعد اجتياحها ثلاثة أيام، فأباحها لهم بعد أن تمكَّنوا من الهيمنة عليها، فكان من ذلك أنْ افتُضت -كما يذكر المؤرخون- ألف عذراء، وحبلت ألفُ امرأة من غير زوج، وكانوا يقتحمون على الناس بيوتهم فيسلبون نفائس أموالهم ويُتلفون ما لا يرغبون فيه منها.

          ثم إن مسلم نزا على منبر رسول الله (ص) وحمل الناس قسراً على البيعة ليزيد على انَّهم عبيد وخوَلٌ له، فمن أبى منهم هذا النحو من البيعة أمر بضرب عنقه.

          ثم بعد أن انجز مسلم بن عقبة المري ما كُلف به في مدينة الرسول (ص) وعليه بعدها أن يزحف إلى مكة أرسل إلى يزيد يُبشِّره بإنجاز الأمر في المدينة قال: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله يزيد بن معاوية أمير المؤمنين من مسلم بن عقبة، سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله...فإنِّي أُخبر أمير المؤمنين أبقاه الله، أني خرجت من دمشق ونحن على التعبئة التي رأى أمير المؤمنين يوم فارقنا بالعافية، فلقينا أهل بيت أمير المؤمنين بوادي القرى، فرجع معنا مروان بن الحكم، وكان لنا عونا على عدونا... وسلَّم الله رجال أمير المؤمنين، فلم يصب منهم أحد بمكروه، ولم يقم لهم عدوهم من ساعات نهارهم أربع ساعات، فما صلَّيتُ الظهر -أصلح الله أمير المؤمنين- إلا في مسجدهم، بعد القتل الذريع، والانتهاب العظيم، وأوقعنا بهم السيوف وقتلنا مَن أشرف لنا منهم، وأتبعنا مدبرهم وأجهزنا على جريحهم، وانتهبناهم ثلاثا كما قال أمير المؤمنين..."
          [1].

          هذا بعض ما أحدثه يزيد في مدينة الرسول (ص) عندما اجتاحها بجند الشام في الواقعة الشهيرة المعبَّر عنها بواقعة أو يوم الحرة، ولولا خشية الإطالة لأفضنا الحديث في ذلك، ولكن يمكن المراجعة للمصادر المشار إليها في الهامش
          [2].

          فبعد هذه العظائم والفظائع التي ارتكبها معاوية وابنه يزيد في مدينة الرسول (ص) أيسوغ لمنصفٍ التردَّدُ في أنَّهما أولى الناس باللعن الوارد على لسان النبيِّ الكريم (ص) في قوله (ص): "مَن أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل" وقوله (ص): "فمن أحدث فيها حدثا... فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً.." وقوله (ص): "اللهم مَن ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل".

          فإنْ كان ثمة من يستفزُّه هذا اللعن فليعرَّف بما ورد عن الرسول (ص) بالأسانيد الصحيحة والمتظافرة لدى الفريقين وليعرَّف بالواقع الذي كان عليه معاوية ويزيد، فإنَّ المسلم إذا وقف على ذلك أذعن، وأما المكابر فلا شأن لنا به، ولا يستحقُّ منا- بعد تعريفه- الرعايةً لمشاعره فإنَّ هديَ الرسول (ص) هو الأحقُّ بأنْ يُتبع.



          [1] الإمامة والسياسة - ابن قتيبة - ج1 ص24.

          [2] تاريخ الطبري ج4 ص372. / أنساب الأشراف للبلاذري ج5 ص333. / المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك لابن الجوزي ج6 ص13. / الكامل في التاريخ لابن أثير ج4 ص112. / الأمامة و السياسة لابن قتيبة ج1 ص231. / البداية و النهاية لابن كثير ج1 ص261- ج8 ص242. / الفتوح لابن أكثم ج5 ص159. / تاريخ خليفة بن خياط ص 118. / الأخبار الطوال للدينوري ص265. / سير أعلام النبلاء للذهبي ج3 ص321. / تاريخ اليعقوبي ج2 ص251. / التنبيه و الإشراف للمسعودي ص264. / تجارب الأمم لأحمد بن محمد بن مسكويه الرازي ج2 ص85. / تاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص23. / امتاع الاسماع للمقريزي ج12 ص245. / تاريخ الخلفاء للسويطي ص228. و غيرها الكثير.



          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X