إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رشحات ملكوتية من روح الله العرفانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رشحات ملكوتية من روح الله العرفانية

    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم

    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته







    من هنا وهناك جُمعت هذه المواعظ العرفانية، المنتقاه لروح الله الخميني - قدس سره الشريف - من كتبه، وخطبه، التي بعضها لم يترجم لحد الآن، تحت مسمى " رشحات ملكوتية " من روح الله العرفانية.

    التفكر :
    أيتها النفس الشقية، التي قضيت سني عمرك الطويلة في الشهوات، ولم يكن نصيبك سوى الحسرة والندامة!.. إبحثي عن الرحمة، واستحي من مالك الملوك، وسيري قليلا في طريق الهدف الأساسي المؤدي إلى حياة الخلد والسعادة السرمدية.. ولا تبيعي تلك السعادة بشهوات أيام قليلة فانية، لا تتحصل إلا مع الصعوبات المضنية الشاقة.
    تحصيل العزم :
    أيها العزيز!.. اجتهد لتصبح ذا عزم وإرادة، فإنك إذا رحلت عن هذه الدنيا دون أن يتحقق فيك عزم، فأنت إنسان صوري بلا لب.. ولن تحشر في عالم الآخر على هيئة إنسان ؛ لأن ذلك العالم هو محل كشف الباطن، وظهور السريرة.. إن التجرؤ على المعاصي، يفقد الإنسان تدرجيا العزم، ويختطف منه هذا الجوهر الشريف.. إذاً تجنب - يا أخي - المعاصي، واعزم على الهجرة إلى الحق تعالى، واجعل ظاهرك ظاهرا إنسانيا، وادخل في سلك أرباب الشرائع، واطلب من الله في الخلوات : أن يكون معك في الطريق إلى هذا الهدف.. واستشفع برسول الله - صل الله عليه وآله وسلم - وأهل بيته، حتى يفيض ربك عليك التوفيق، ويمسك بيدك في المزالق.
    التضرع :
    يا أيها العزيز!.. فكر وابحث عن سبيل نجاتك، ووسيلة خلاصك.. واستعن بالله أرحم الرحمين، واطلب من الذات المقدسة في الليالي المظلمة، بتضرع وخضوع : أن يعينك في هذا الجهاد المقدس مع النفس، لكي تنتصر - إن شاء الله - وتجعل مملكة وجودك رحمانية، وتطرد منها جنود الشيطان، وتسلم الدار إلى صحابها، حتى يفيض الله عليك السعادة والبهجة والرحمة.
    معرفة الطريق :
    أيها العزيز!.. إفتح سمع قلبك، وشد حزام الهمة على وسطك.. وارحم حال مسكنتك، لعلك تستطيع أن تجعل من نفسك إنسانا، وتخرج من هذا العالم بصورة آدمية، لتكون عندها من أهل الفلاح والسعادة.. وحذار من أن تتصور إن كل ما تقدم هو موعظة وخطابة، فهذا كله نتاج أدلة فلسفية، توصل إليه الحكماء والعظام، وكشف لأصحاب الرياضات، وإخبار عن الصادقين والمعصومين.
    اللذات الدنيوية :
    أيها العزيز!.. استعن بالله - تبارك وتعالى - في كل آن ولحظة، واستغث بحضرة معبودك، واطلب منه بعجز وإلحاح.. أنا أفترض لكم فرضية خيالية، أفترض لكم عمراً هو مائة وخمسون عاماً، مع توافر جميع أسباب الشهوة والغضب والشيطنة.. وأفترض بأنه لن يعترضكم خلاله أي شيء مرغوب فيه، ولن يحدث أي شيء يخالف هدفكم، ومع هذه الفرصة فأن هذه المدة ستنقضي وتمر مر الرياح.. فماذا ستكون عاقبتكم بعدها؟.. ماذا ادخرتم من تلك اللذات لأجل حياتكم الباقية؟.. لأجل يوم عجزكم ووحدتكم؟.. لأجل برزخكم وقيامتكم؟.. لأجل لقائكم بملائكة الله وأوليائه وأنبيائه؟.. هل ادخرتم سوى الأعمال القبيحة المنكرة، التي ستقدم صورها لكم في البرزخ والقيامة، وهي صور لا يعلم حقيقتها إلا الله تبارك وتعالى؟!..
    العذاب الإلهي :
    أيها العزيز!..لقد ثبت في الحكمة المتعالية : أن درجات الشدة غير محدودة، فمهما تتصور أنت، ومهما تتصور العقول بأسرها، شدة العذاب، فوجود أشد أمر ممكن أيضا.. وإذا لم تر برهان الحكماء، ولم تصدق كشف أهل الرياضيات ؛ فأنت - بحمد الله - مؤمن، تصدق الأنبياء - صلوات الله عليهم - وتقر بصحة الأخبار الواردة في الكتب المعتبرة، التي يقبلها جميع علماء الإمامية، وتقر بصحة الأدعية والمناجاة الواردة عن الأئمة المعصومين - سلام الله عليهم - أنت الذي رأيت مناجاة مولى المتقين ؛ أميرالمؤمنين - سلام الله عليه - ورأيت مناجاة سيد الساجدين - عليه السلام - في دعاء أبي حمزة الثمالي.. فتأمل قليلا في مضمونها، وفكر شيئا ما في محتواها، وتمعن في فقراتها.. فليس ضروريا أن تقرأ دعاء طويلا دفعة واحدة وبسرعة، دون تفكر في وأنت ليس لدينا حال سيد الساجدين - عليه السلام - كي نقرأ تلك الأدعية المفضلة بشوق وإقبال.. إقرأ في الليلة ربع ذلك أو ثلثه، وفكر في فقراته، لعلك تصبح صاحب شوق، وإقبال، وتوجه.. وفوق ذلك كله فكر قليلا في القرآن، وانظر أي عذاب وعد به، بحيث أن أهل جهنم يطلبون من ملك الموكل بجهنم، أن ينتزع منهم أروحهم، ولكن هيهات فلا مجال للموت!..
    التوجه إلى معاني الآيات الإلهية :
    فكر يا عزيزي!.. القرآن ليس كتاب قصة، وليس بممازح أحد، أنظر ما يقول!.. أي عذاب هذا الذي يصفه الله - تبارك وتعالى - وهو العظيم الذي لا حد لعظمته، ولا انتهاء لعزته وسلطانه، يصفه بأنه شديد وعظيم.. فماذا وكيف سيكون؟!.. الله يعلم، لأن عقلي وعقول جميع البشر قاصرة عن تصوره.
    الغفلة :
    ويل لنا من غفلتنا!.. وويل لنا من شدة سكرات الموت!.. وويل لحالنا في البرزخ وشدائده!.. وفي القيامة وظلماتها!.. وياويل حالنا في جهنم وعذابها وعقابها!..
    أثبات جهنم :
    أيها العزيز!.. إن وجود جهنم والعذاب الأليم، من ضروريات جميع الأديان، ومن البراهين الواضحة.. وقد رأى نماذج لها في هذا العالم، أصحاب المكاشفة، وأرباب القلوب.. ففكر، وتدبر بدقة، فإذا احتملت الصحة إلا ينبغي لك إن كان تهيم في الصحاري، كمن أصابه المس؟.. ماذا حدث لنا لكي نبقى إلى هذا الحد في نوم الغفلة والجهالة؟.. علي بن الحسين وهو إمام معصوم، يقطع القلوب بنحيبه وتضرعه ومناجاته وعجزه وبكائه، فماذا دهانا حتى صرنا لا نستحي أبدا، فنهتك في محضر الربوبية كل هذه المحرمات، والنواميس الإلهية؟..
    تهذيب النفس :
    أيها العزيز!.. انهض من نومك، وتنبه من غفلتك، واشدد حيازيم الهمة، واغتنم الفرصة، مادام هناك مجال، مادام في العمر بقية، وما دامت قواك تحت تصرفك، وشبابك موجودا، ولم تتغلب عليك بعد الأخلاق الفاسدة، ولم تتأصل فيك الملكات الرذيلة.. فابحث عن العلاج، واعثر على الدواء، لإزالة تلك الأخلاق الفاسدة والقبيحة.. وتلمس سبيلا لإطفاء نائرة الشهوة والغضب.
    التوجه إلى الله :
    أيها العزيز!.. لا تعرض نفسك للغضب الإلهي، من أجل خيال باطل، ومحبوبية بسيطة في أعين العباد الضعاف.. ولا تبع ذلك الحب الإلهي والكرامات غير المحدودة، وتلك الألطاف والرحمات الربانية، لاتبعها بمحبة بسيطة عند مخلوق ليس له أثر.. ولا تكسب منه أية ثمرة، سوى الندامة والحسرة.. وذلك عندما تقصر يداك عن هذا العالم، وهو عالم الكسب، وينقطع عملك، ولا يكون للندم حينئذ نتيجة، ولا للإنابة من فائدة.. أيها المسكين العابد للنفس!.. والذي تركت الشيطان والجهل، يتصرفان في قلبك، ومنعت يد الحق أن تتصرف فيه أي إيمان لديك، حتى تكون محلاّ لتجلي الحق، والسلطة المطلقة؟.. اعلم إذا أنك مادامت على هذه الحال، مادامت رذيلة الغرور موجودة فيك، فأنت كافر بالله، ومحسوب من زمرة المنافقين، رغم زعمك بأنك مسلم ومؤمن بالله.
    الإخلاص :
    أيها العزيز!.. أطلب السمعة والذكر الحسن من الله، ألتمس قلوب من مالك القلوب، اعمل أنت لله وحده، فستجد إن الله - تعالى - فضلا عن الكرامات الأخروية، سيتفضل عليك في هذا العالم نفسه بكرامات عديدة، فيجعلك محبوبا، ويعظم مكانتك في القلوب، ويجعلك مرفوع الرأس، وجيها في كلتا الدارين.. ولكن إذا استطعت، فخلص قلبك بصورة كاملة بالمجاهدة والمشقة، من هذا الحب أيضا، وطهر باطنك كي يكون العمل خالصا من هذه الجهة، فيتوجه القلب إلى الله فقط، وتنصع الروح، وتزول أردان النفس.
    فأية فائدة تجنبي من حب الناس الضعاف لك أو بعضهم، وما للشهرة والصيت عند العباد، وهم لا يملكون شيئا من دون الله تعالى؟.. وحتى لو كانت هناك فائدة من هذا الحب على سبيل الفرض، فإن هي فائدة تافهة، ولأيام معدودة.. هذا الحب قد يجعل عاقبة عمل الإنسان إلى الرياء، ويجعل الإنسان - لا سمح الله - مشركا منافقا وكافرا.
    وإذا لم يفتضح الإنسان في هذا العالم، فسيفتضح في العدل الرباني، عند عباد الله الصالحين وأنبيائه العظام، وملائكته المقربين، ويهان ويصبح مسكينا.. إنها فضيحة ذلك اليوم، وما أدراك ما تلك الفضيحة!.. الله يعلم أية ظلمات تلي تلك المهانة في ذلك المحضر!.. في ذلك اليوم كما يقول الله - تعالى - في كتابه يتمنى الكافر قائلا : (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً) ولكن لا جدوى لهذا التمني أيها المسكين.. إنك ولأجل محبة بسيطة جزئية، ومنزلة عديمة الفائدة بين العباد، أغفلت تلك الكرامات، وفقدت رضا الله، وعرضت نفسك لغضبه تعالى.
    مراقبة النفس :
    أيها العزيز!.. استيقظ وابعد عنك الغفلة والسكرة، وزن أعمالك بميزان العقل، قبل أن توزن في ذلك العالم، وحاسب نفسك قبل أن تحاسب.
    واجلِ مرآة القلب من الشرك والنفاق والتلون، ولا تدع صدأ الشرك والكفر يحيط به بمستوى لا يمكن جلاؤه حتى بنيران ذلك العالم.. لا تدع نور الفطرة يتبدل بظلمة الكفر، لا تدع هذه الآية (فطرة الله التي فطر الناس عليها) تضيع.. لا تخن هذه الأمانة الإلهية، نظف مرآة قلبك لكي يتجلى فيها نور جمال الحق، فيغنيك عن العالم وكل ما فيه، وتتوهج نار العشق الإلهي في قلبك، فتحرق الأنواع الأخرى من الحب.. فلا تستبدل حينذاك لحظة واحدة من الحب الإلهي، بجميع هذا العالم، وتعتبر جميع اللذات الحيوانية لعبا ولهوا، أمام لذة مناجاة الله وذكره.
    وإذا لم تكن من أهل هذه العوالم، ورأيت هذه المعاني غريبة عجيبة لديك، فإياك أن تضيع تلك النعم الإلهية في العالم الآخر، والتي ذكرت في القرآن المجيد، وأخبر بها المعصومون - عليهم السلام - وتخسرها من أجل جذب قلوب المخلوقين.
    لا تضيع كل هذا الثواب، من أجل شهرة وهمية في أيام معدودات.. لا تحرم نفسك من كل هذه الكرامات، لا تبع السعادة الأبدية بالشقاء الدائم.
    الدقة في الأعمال :
    أيها العزيز!.. استيقظ وافتح أذنيك، وحرّم نوم الغفلة على عينيك، واعلم أن الله خلقك لنفسه كما يقول في الحديث القدسي : " يا بن آدم!.. خلقت الأشياء لأجلك، وخلقتك لأجلي ".. واتخذ من قلبك منزلاً له، فأنت وقلبك من النواميس والحرمات الإلهية، والله - تعالى - غيور فلا تهتك حرمته وناموسه إلى هذا الحد، ولا تدع الأيادي تمتد إلى حرمه وناموسه.. احذر غيرة الله، وإلاّ فضحك في هذا العالم بصورة لا تستطيع إصلاحا مهما حاولت.. أتُقَدم لغير الحق ما كان يشتبه به الأولياء بالحق تعالى من الأخلاق الفاضلة، وتمنح قلبك لخصم الحق؟.. وتشرك في باطن ملكوتك؟.. كن حذر من الحق تعالى ؛ فإنه مضافاً إلى هتكه لناموس مملكتك في الآخرة، وفضحه لك أمام الأنبياء العظام والملائكة المقربين، سيفضحك في هذا العالم، ويبتليك بفضيحة لا يمكن تلافيها، وبتمزيق عصمة لا يمكن ترقعيها.
    إن الحق تعالى " ستار " ولكنه غيور أيضا.. إنه " أرحم الراحمين " ولكنه " أشد المعاقبين " أيضاً.. يستر ما لم يتجاوز الحد، فقد تؤدي هذه الفضيحة الكبرى - لا سمح الله - إلى تغليب الغيرة على الستر، كما سمعت في الحديث الشريف.
    فارجع نفسك قليلاً، وعد إلى الله فإنه رحيم، وهو يبحث عن ذريعة لإفاضة الرحمة عليك. وإذا أنبت إليه، ويجعلك صاحب فضيلة، ويظهر فيك الأخلاق الكريمة، ويجعلك مرآه لصفاته تعالى، ويجعل إرادتك فعالة في ذلك العالم، كما أن إرادته نافذة في جميع العوالم.. وقد ورد في حديث منقول : أن أهل الجنة عندما يستقرون في الجنة، تبلغهم رسالة من الحق تعالى خلاصتها : " من الحي القيوم الذي لا يموت، إلى الحي القيوم الذي لا يموت.. إني أقول للشيء : كن!.. فيكون، وقد جعلتك اليوم تقول للشيء : كن!.. فيكون ".
    لا تكن محباً لنفسك، سلّم إرادتك للحق تعالى، فإن الذات المقدسة تتفضل عليك، يجعلك مظهراً لإرادتها، ومتصرفاً في الشؤون المختلفة، وتخضع لقدرتك مملكة الإيجاد في الآخرة، وهذا غير التفويض الباطل، كم هو معلوم في محله.
    فيا أيها العزيز!.. أنت أعرف بنفسك، فاختر إمّا هذا أو ذاك، فالله غني عنا، وعن كل المخلوقات.. إنه غني عن إخلاصنا، وإخلاص كل الموجودات.
    توبيخ النفس :
    ويل لأهل الطاعة والعبادة والعلم والديانة، الذين عندما يفتحون أبصارهم، ويقيم سلطان الآخرة قدرته، يرون أنفسهم من أهل كبائر المعاصي، لا بل أهل الكفر والشرك، بحيث أن صحيفة أعمالهم تكون أشد سواداً من صحائف الكفار والمشركين.
    وويل لمن يدخل بصلاته وطاعته جهنم!.. الويل لمن تكون صورة صدقته وزكاته وصلاته، أبشع مما يكون تصوره!.. أيها المسكين المرائي!.. أنت مشرك.. وأما العاصي، فقد يكون موحداً.. إن الله يرحم بفضله العاصي، فقد يكون موحدا.. إن الله يرحم بفضله العاصي إن شاء، لكنه يقول : إنه لن يرحم المشرك، إذا رحل من الدنيا دون توبة.
    الإنتباه من حيل إبليس :
    من مصائد إبليس الكبيرة، أنه في البداية يجر العبد إلى الغرور، ويجعله بهذه الوسيلة مطلق العنان، ويجره من المعاصي الصغيرة إلى الكبيرة، ومنها إلى الكبائر والموبقات.. فإذا لعب به مدة على هذا المنوال، جره بوهم رجاء الرحمة إلى وادي الغرور.. وفي آخر الأمر إذا رأى فيه نورانية، وظن فيه التوبة والرجوع، يجره إلى اليأس والقنوط من الرحمة ويقول له : قد قضي أمرك، ولم يعد قابلا للإصلاح.. وهذه مصيدة كبيرة، إذ يصرف العبد عن باب الله، ويقطع يده عن ذيل الرحمة الإلهية.
    لا محدودية الأهواء النفسية :
    قد يقدم شخص في حال الغضب، أو حب الرئاسة، على إبادة مئات الآلاف من العوائل، ويزعزع بنيان المجتمع من أساسه.. وليس لنار غضب أيّ من الحيوانات هذا اللهيب، ولا لتنور شهوته حد محدود، ولا شئ يخمد حرصه وطمعه.. هذا الإنسان بمغالطته، وشيطنته، ومكره، وخدعه، يرتكب أبشع الجرائم ؛ فيهلك الحرث والنسل.. ولو جعلت السماوات والأرض لقمة لهذا الحيوان، لما خمدت نار حرصه وطمعه.. ولو سخرت له ممالك العالم، لما نقص من أهوائه النفسية شيء.. إن الإنسان غير الحيوان، فالأخير إذا وصل إلى لقمته خمدت نار شهوته.
    العجب :
    أيها الممكن المسكين الجاهل بنفسك وبعلاقتك بالله!.. أيها الممكن السيء الحظ الغافل عن واجباتك إزاء مالك الملوك!.. إن هذا الجهل هو سبب جميع ما يلحقك من سوء التوفيق، وهو الذي ابتلانا بجميع الظلمات والمكدرات.. إن فساد الأعمال يكون من الأساس التي نشأت منه أن الماء قد يتلوث من المنبع، إن عيون معارفنا عمياء، وقلوبنا ميتة.. وهذا سبب جميع المصائب، وبالرغم من كل ذلك لسنا حتى بصدد إصلاح أنفسنا!..
    الويل لمن يعامله الباري تعالى بعدله، فإن التعامل بالعدل لا ينجي أحداً من الأولين والآخرين.. أي كمال يملكه " الممكن " بنفسه لكي يتظاهر بالكمال؟.. وأية قدرة يمتلكها لكي يتاجر بها؟.. نحن المساكين الذين قد ران حجاب الجهل والغفلة والعجب والمعاصي على قلوبنا وقوالبنا، وغشيت أبصارنا واسماعنا وعقولنا وكافة قوانا المدركة، أخذنا نستعرض عضلاتنا في مقابل قدرة الله القاهرة، ونعتقد أن لنا استغلال وشيئية بذواتنا!..
    الغرور :
    بنيّتي!.. العجب والغرور نتيجتان لغاية الجهل بحقارة النفس، وعظمة الخالق.. إذا فكّر الإنسان قليلا في عظمة الخلقة، بالمقدار اليسير الذي وصل البشر، رغم كل هذا التقدم العلمي، يدرك حقارة وضآلة نفسه، وكل المنظومات الشمسية والمجرات، ويفهم قليلا من عظمة خالقها، ويخجل من عجبه وأنانيته وغروره، ويشعر بالجهل.
    الكبر :
    يا أيها العزيز!.. ما يحتوي عليه رأسك من دماغ، تحتويه رؤوس الآخرين أيضاً.. إذا كنت متواضعاً احترمك الناس قهراً، واعتبروك كبيراً.. وإذا تكبرت على الناس، لم تنل منهم شيئاً من الاحترام.. بل إذا استطاعوا أن يذلوك لأذلوك، ولم يكترثوا بك.. وإن لم يستطيعوا إذلالك، لكنت وضيعاً في قلوبهم، وذليلاً في عينهم، ولا مقام لك عندهم.. افتح قلوب الناس بالتواضع.. لا أعرف إذا أذلّ الله شخصاً ماذا يصنع به؟.. وبماذا يبتليه؟.. فأمور الآخرة تختلف عن أمور الدنيا كثيراً.. إن الذل في الدنيا يغاير الذل في الآخرة.. كما أن نعم الآخرة وعذابها، لا تتناسب مع هذا العالم أن نعمها تفوق تصورنا، والذل فيها يختلف عن الذل والهوان الذي نعرفه، وتكون عاقبة المتكبر النار.
    العصبية :
    أعلم أيها العزيز!.. أن هذا الخصلة الخبيثة من الشيطان، وأنها من مغالطات ذلك الملعون ومعاييره الباطلة.. إنه يغالط عن الطريق هذا الحجاب السميك، الذي يخفي كل الحقائق عن النظر، بل يظهر كل رذائل النفس محاسن، وجميع الآخرين رذائل.. ومعروف مصير الإنسان الذي يرى الأشياء على غير حقيقتها وواقعيتها.. فما عليه إلا أن يتصدى لعلاج نفسه من هذه السجية، وأن يطهر قلبه ولو من حبة خردل منها، حتى يكون طاهرا عند عند الانتقال من هذه الدنيا إلى العالم الآخر، فينتقل بنفس صافية.. إن على الإنسان أن يدرك أن الفرصة محدودة، والوقت قصير جدا ؛ لأنه لا يعلم متى يحين موعد رحيله.
    ترك النفاق :
    إعلم أيها العزيز!.. إن مراتب النفاق وحالة ذي اللسانين والوجهين، النفاق مع الله، والتوجه إلى مالك الملوك، وولي النعم بوجهين، وقد من المبتلين به في هذا العالم، ونحن غافلون عنه.. لأن أستار الجهل الكثيفة، وحجب الأنانية المظلمة، وحب الدنيا، وحب النفس مسدولة عليه، ومخفية عنا.. ومن الصعب جدا أن ننتبه له، قبل انكشاف السرائر، ورفع الحجب والظعن عن دنيا الطبيعة، وشد الرحال عن دار الغرور، والجهل والغفلة.. إننا الآن غارقون في نوم الغفلة، محكمون لسكر الطبيعة والميول والرغبات التي تزين لنا كل قبائح الأخلاق وفساد الأعمال.. وإذا ما استيقظنا وصحونا من هذه السكرة العميقة، يكون قد فات الأوان، إذ نجد أنفسنا قد صرنا في زمرة المنافقين، وحشرنا بلسانين من نار من بوجهين مشوهين بشعين!.. فقد قضينا كل عمرنا بالتلون، نظهر التمسك بكلمة التوحيد، وندعي الإسلام والإيمان.. بل المحبة والمحبوبية، وغير ذلك من الإدعاء ات على قدر ما نشتهي ونحب.

  • #2
    السلام عليكم أختي العزيزة عطر الولاية
    حقا أختيار موفق وفية الكثير من الموعظة والفائدة
    وفقكم الله لكل خير

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهُم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ واللعنة على اعدائهم ومخالفيهم من الجن والانس اجمعين وعجل فرجهم يارب العالمين
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      اللهُم انا نسألك وندعوك ان تجعل اراحنا نورانيه ساعية لخدمة شيعة امير المؤمنين يارب العالمين
      حياكم الله تعالى و حفظكم بعينه التي لا تنام

      أشكر الله تعالى لمروركم الكريم و طيب دعواتكم
      نسألكم الدعاء على حب الزهراء فاطمه سلام الله عليها

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X