إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المنهج القرآني في أثبات الامامه والخلافه/آية أولي الامر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المنهج القرآني في أثبات الامامه والخلافه/آية أولي الامر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    بعد أن قدمنا سابقا آية الخلافه وآية الأمامه الأبراهيميه في المنهج القرآني نتعرض الآن وفي المرحله الثالثه من بحثنا الى آية أولي الأمر (بسم الله الرحمن الرحيم,يا أيها الذين آمنا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا).
    هذه الآيه المباركه تساهم في تشييد جانب من نظرية الامامه ومدرسة الولايه في القرآن الكريم,وأول ما يتبادر منها في هذا المجال ,ما تنطوي عليه من الأشاره الى وجود منصبين يتمتع بهما الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ,وينبغي التميز بينهما ,وهما
    أولا: منصب النبوه وابلاغ الشريعه والرساله الى البشريه قال تعالى (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما أنزل اليهم ).
    ثانيا:منصب الامامه والقياده وولاية الامر,قال تعالى(انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله).
    يركز القرآن الكريم على ضرورة أطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كلا المجالين ويؤكد على كونها طاعه لله عز وجل,وقد أستعمل القرآن أربعه أساليب في التعبير عن ذلك ,هي
    1:أسلوب الجمع بين طاعة الله والرسول,قال تعالى(وأطيعو الله والرسول لعلكم ترحمون)وقال تعالى(قل أطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لايحب الكافرين)وقال تعالى(وأطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين)وقال تعالى(وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون).
    2:أسلوب عطف طاعة الرسول على طاعة الله,قال تعالى(قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)وقال تعالى(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولاتبطلوا أعمالكم)وقال تعالى(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
    3أسلوب الأقتصار على طاعة الرسول,قال تعالى(أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون)
    4:أسلوب ارجاع طاعة الرسول الى طاعة الله,قال تعالى(من يطع الرسول فقد أطاع الله).
    وقد بينا في آية الامامه الأبراهيميه,أن آيات النبوه والرساله لاتدل بنفسها على لزوم طاعة الرسول,وأقصى ما تدل عليه هو لزوم طاعة النبوة والرساله الألهيه ومن هنا جاءت آيات طاعة الرسول لتسد هذا الفراغ وتعالج هذا الجانب ,ومن أجل ترسيخ ذلك وتأكيده تنوعت أساليب القرآن في بيانه ,فتاره تأمر بطاعة الرسول فقط كما في الأسلوب الثالث,وأخرى ترجع طاعة الرسول الى طاعة الله سبحانه كما في الاسلوب الرابع ,وثالثه تجمع بين الطاعتين في بيان واحد كما في الاسلوب الاول ,ورابعه تعطف طاعة الرسول على طاعة الله كما في الاسلوب الثاني ,ولدى التأمل في هذه الآيات نجد أنها تدل على ماقلناه أولا من وجود منصبين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم:أحدهما:النبوة وأبلاغ الرساله والاحكام,وثانيهما :الامامه وقيادة الدوله والمجتمع,ذلك ان الامر بطاعة الرسول يدل على انه مكلف بوظائف اجتماعيه وسياسيه,بحيث يتطلب ادائها وانجازها طاعه المسلمين له وخضوعهم لرأيه ,وليس ذلك الا منصب الامامه والقياده والولايه,ولو لم يكن ذلك لكان الامر بطاعته خاليا من المعنى,لان ادلة النبوه والرساله تكفلت بلزوم طاعة الرسول فيما يبلغ من احكام وشرائع,فما معنى ورود ادله جديده تطالب بطاعة الرسول وتجعلها صنوا لطاعة الله عز وجل؟هذه الادله جاءت لتفصل بين المنصبين المذكورين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم,وتؤكد على ضرورة طاعة النبي صلى الله عليه وآله في منصب الامامه والولايه ,وان طاعته في هذا المنصب كطاعته في المنصب الآخر وهو منصب النبوه والرساله وهما يعودان الى طاعة الله عز وجل.وهذا المعنى يتجلى اكثر في اسلوب عطف الامر بطاعة الرسول على الامر بطاعة الله بتكرار كلمة(وأطيعوا)وهو الاسلوب الذي تكرر في القرآن الكريم خمس مرات,خاصه في آية أولي الامر والتي نحن بصددها ,حيث خصت الله سبحانه بطاعه ,وجمعت بين النبي صلى الله عليه وآله وأولي الأمر بطاعة أخرى,مما يدل على أن الآيات التي تأمر بطاعة الرسول ناظره الى منصب امامته وولايته ,وبالنتيجه تكون الآيات الآمره بطاعة الله ناظره الى منصب النبوه والرساله,بأعتبار أن طاعة الله انما تتجسد في أتباع الشريعه التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله,ويتأكد هذا المعنى أكثر اذا لاحظنا أن اتباع الشريعه واطاعة الاحكام الألهيه أنما هي في الحقيقه طاعه لله عز وجل,ولا يمكن أعتبارها طاعه للنبي الا بنحو من المجاز والمسامحه,وذلك لأن الشريعه المتبعه والأحكام المطبقه انما هي أوامر الله ونواهيه.وبالتالي فأن طاعتها انما هي طاعه الله سبحانه ,ولا تصح نسبة الطاعه الى النبي صلى الله عليه وآله, الا عندما تكون هناك اوامر ونواه صدرت عن النبي صلى الله عليه وآله بلسان الحكومه والولايه لا بلسان تبليغ الاحكام والشرائع الألهيه,وهذا هو مغزى تكرار كلمة(أطيعوا)في الآيه,وليس معنى عطف(أولي الأمر)على الرسول الا أشاره الى منصب مشترك بين الرسول وأولي الأمر,وهو منصب الحكومه والولايه.وعوده أخرى الى الآيه لنستفاد منها شيئا جديدا ,حيث نلاحظ أن الآيه تدرجت من طاعة الله سبحانه الى طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن طاعة الرسول الى طاعة أولي الأمر ,هذا من جهه,ومن جهه أخرى,نحن نعلم أن طاعة العبد لله انما هي طاعه مطلقه لأوامر ونواه معصومه,وأتباع لشريعه لايتطرق اليها الباطل ,بنحو من الأنحاء ,واذا لاحظنا الآيات الآمره بطاعة الرسول خاصه الآيات من الاسلوب الأولوأطيعوا الله ورسوله)ومن الأسلوب الرابع(من يطع الرسول فقد أطاع الله),أمكننا التوصل الى عصمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم,وهذا مقتضى العينيه الموجوده بين الطاعتين,وبتعبير آخر أن ترشح طاعة الرسول عن طاعة الله ,يكشف عن وصول فيض العصمه الألهيه الى السده النبويه.ثم أذا لاحظنا آيات الأسلوب الثاني التي تعطف طاعة النبي صلى الله عليه وآله على طاعة الله,خاصه آية أولي الأمر التي جمعت بين أولي الأمر وبين الرسول بطاعه واحده وبنحو يفهم منه أن الآيه بصدد النظر الى عنصر مشترك ومنصب واحد بين الرسول وأولي الأمر ,وهو منصب الولايه والحكومه,اذا نظرنا الا الآيه أمكننا التوصل الى عصمة أولي الامر ايضا,ذلك اذا كنا قد توصلنا الى عصمة الرسول من خلال اتحاد طاعته مع طاعة الله سبحانه,فلا شك ان اتحاد طاعة الرسول مع طاعة أولي الامر يكشف عن عصمة أولي الامر ايضا ,وهكذا يترشح فيض العصمه من الله الى النبي ,ومن النبي الى أولي الامر,مما يستتبع ترشح لزوم الطاعة عبر هذه السلسله ايضا,فتجب طاعة أولي الامر لوجوب طاعة الرسول ,ووجوب طاعة الرسول لوجوب طاعة الله عز وجل.ومما يؤيد أستفادة عصمة أولي الامر من الآيه أمور ثلاث هي,
    1/ان الله سبحانه أمر بطاعة أولي الامر من جهه ونهى عن أتباع خطوات الشيطان من جهه أخرى,فلو لم يكن ولي الامر معصوما كان أتباعه في موارد خطأه أتباعا للشيطان ,ولا يمكن الامر بشيء قد نهى عنه لأنه يازم منه الضدان:الوجوب والحرمه.
    2/أن الامر بطاعة أولي الامر في الآيه جاء مطلقا كالأمر بطاعة الله والرسول,وهذا الأطلاق لاينسجم الا مع القول بعصمة اولي الامر ,لأن غير المعصوم قد يأمر بمعصيه فتحرم طاعته فيها ,وهذا يتنافى مع أطلاق الأمر بالطاعة.وقد يقال :بأن الآيه مقيده بقيد منفصل مستفاد من دليل آخر,مثل قوله تعالى(قل أن الله لايأمر بالفحشاء)وقول الرسول(لاطاعه لمخلوق في معصية الخالق)وبذلك يرتفع اشكال التضاد.
    ولكن هذا القول لايتم ,لأن القرآن جعل طاعة الرسول بمنزلة طاعة الله وحينئذ فكما أن طاعة الله لاتقبل التقييد والتخصيص كذلك طاعة الرسول لاتقبل التقييد والتخصيص,ولذا لانستطيع القول بأن قوله تعالى(من يطع الرسول فقد أطاع الله)مقيد بقوله صلى الله عليه وآله (لاطاعه لمخلوق في معصية الخالق)وذلك للتنافي بين القولين ,وبالتالي عدم صلاحية الكلام الثاني لتقييد الكلام الاول,فأن الكلام الاول يدل على صحة أوامر الرسول ومطابقتها لأوامر الله ,بينما يدل الكلام الثاني –اذا اعتبر قيدا للآيه-على امكان صدور المخالفه من الرسول صلى الله عليه وآله,وما قيل في الرسول يقال ايضا في اولي الامر ,فكما ان اطلاق الامر بطاعة الرسول لايقبل التقييد كذلك اطلاق الامر بطاعة اولي المر لايقبل التقييد ,لأن الآيه (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)جعلت أولي الامر والرسول بمنزلة واحده ,وحينئذ يبقى الامر بطاعة أولي الامر على أطلاقه وممتنعا عن التقييد ,مما يدل على عصمة أولي الامر المقصودين بالطاعه.
    3/أن الآيه في سياق تعظيم الرسول وأولي الأمر واعطاء درجه واحده من اللزوم والنفوذ لأزامرهما ,وهذا السياق بحد ذاته ينفي أمكانية تخصيص أو تقييد طاعة أولي الامر في ما عدا المعاصي ,لأن تعظيم المعاصي قبيح ,ولأن التقييد والتخصيص اذا كان ممكنا سرى الى أوامر النبي ,ولم يقف عند حدود أولي الامر لظهور الآيه في وحدة درجة النفوذ واللزوم في أوامرهما ,وحيث لايمكن تقييد طاعة النبي فلا يمكن تقييد طاعة أولي الامر ايضا ,ولو كان التقييد ممكنا لظهر ذلك في الآيه نفسها ,لأن القرآن الكريم التزم بالتقييد فيما هو أدنى من شأن الامامه وأقل حاجة الى التقييد ,كما في قوله تعالى عند التعرض لبر الوالدين (وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) .وقد اعترف الفخر الرازي في تفسيره بدلالة الآيه على عصمة الرسول وأولي الامر,فقال في المسأله الثالثه في ذيل الآيه:اعلم أن قوله (وأولي الأمر منكم)يدل عندنا على أن أجماع الأمه حجه ,والدليل على ذلك أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الامر على سبيل الجزم في الآيه ,ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد وأن يكون معصوما عن الخطأ,واذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير اقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ,والخطأ لكونه خطأ منهي عنه,فهذا يفضي الى أجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وانه محال,فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم ,وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما,فثبت قطعا أن أولي الأمر المذكور في الآيه يكون معصوما."التفسير الكبير:ج5/ص149وقال في موقع آخر"فكان حمل الآيه على الاجماع أولى,لأنه ادخل الرسول وأولي الامر في لفظ واحد وهو قوله تعالى(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)فكان حمل (أولي الأمر)الذي هو مقرون بالرسول على المعصوم أولى من حمله على الفاجرالفاسق....)التفسيرالكبير:ج5/ص151.وهذا الرأي أعتمده النيشابوري في تفسيره "غرائب القرآن ج5ص65"وكذلك الشيخ محمد عبده على ماحكاه مقرر بحثه في المنار بقوله(فأهل الحل والعقد من المؤمنين اذا أجمعا على أمر من مصالح الأمه-الى أن قال-طاعتهم واجبه ويصح أن يقال:هم معصومون في هذا الأجماع)تفسير المنار:ج5ص181:وأن أضاف اليه المقرر ما يوهم خلافه.يتلخص من كل ما مر أن الآيه المباركه تدل على عصمة أولي الأمر المقصودين بالطاعه ,,ولكن قد يرد أشكال على هذا الأستدلال وهو:أن تعبير( منكم )الوارد في الآيه ربما جاء للتنبيه على أن أولي الأمر المقصودين بالطاعه هم أفراد من هذه الأمه ليست لهم أي ميزه على سائر الأفراد كالعصمه وغيرها.ولكن هذا الأشكال غير تام ,لأن تعبير (منكم)في الآيه نظير تعبير (منهم)في قوله تعالى(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم)فكما أن كون الرسول فردا من هذه الأمه لاينفي وجود صفه زائده فيه,فكذلك كون أولي الأمر أفرادا من هذه الأمه لاينفي وجود مزيه فيهم,ولعل المقصود من هذه الكلمه هو العكس تماما,وهو اثبات المزيه لهم ,فكأن الآيه تريد اشعار الأمه بأن كون هؤلاء أفرادا منكم لايعني مساواتكم لهم,بل هناك مزايا فيهم توجب طاعتكم لهم.
    بعد هذا يأتي السؤال الآتي:ماهي صلاحيات أولي الأمر؟وما هي دائرة نفوذهم في المجتمع الأسلامي؟.
    وللموضوع تتمه.....ولنا عوده أنشاء الله
    sigpic

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم .
    السلام عليكم.
    بعون الله وبعد التوكل عليه,نتمم الموضوع.
    يمكن أستفادة الجواب من خلال ذيل الآيه المباركه(فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول)والجواب االذي يمكن أستفادته منها هو أحد الرأيين التاليين:
    1/أن وظائف ولي الأمر تنحصر في تشخيص الموضوعات ومعالجتها.
    2/أن وظائف ولي الأمر تشمل الأحكام والموضوعات معا.
    ودليل الرأي الأول:أن كلمة "شيء"الوارده في الآيه كموضوع للتنازع تشير الى صلاحيات ووظائف الرسول وأولي الأمر ,وهي وأن كانت بظاهرها تعم كل ماتنازعت فيه الأمه وكان محلا للأختلاف فيما بينها سواء كان من الأحكام أو القضايا والمنازعات الحقوقيه التي تحتاج الى الترافع والتحاكم,أو الموضوعات الخارجيه التطبيقيه والمسائل الأجراميه والتنفيذيه,الا أن الآيه لما ذكرت الرد الى الله والرسول أقتصرت عليهما ولم تذكر معهما أولي الأمر ,مما يفهم منه أن الشيء المقصود هو الأحكام الشرعيه الذي يمتلك الرسول فيها حيثية التبليغ,الأمر الذي يوضح بالتالي أن الأحكام الشرعيه وظيفه خاصه بالرسول,وأما ما عدا ذلك كالقضاء والولايه العامه على شؤون الدوله والمجتمع هي وظائف مشتركه بين النبي وأولي الأمر.
    ودليل الرأي الثاني:أن أطلاق(وأطيعوا الرسول وأولي الأمر)يفهم منه وحدة دائرة النفوذ بين النبي وأولي الأمر ,وبالتالي فكل ما كان وظيفه للرسول هو وظيفه لأولي الأمر الا ماخرج بالدليل ,وتخصيص رد الشيء المتنازع فيه بالرسول لايدل على أختصاص الرسول بالاحكام الشرعيه دون أولي الأمر ,لأن السياق لايفهم منه التخصيص,وأنما هو من قبيل التمثيل لمن يرجع اليه في الأحكام والموضوعات,وليس من باب الحصر ,ويؤيد ذلك قوله تعالى(واذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فأن الآيه هنا أقتصرت على الرسول وأولي الأمر ولم تذكر لفظ الجلاله,وبالجمع بين الآيتين نفهم أنهما بصدد بيان من له شأنية الحل والأجابه عند المراجعه ,فتذكران لفظ الجلاله والرسول تاره,والرسول وأولي الامر تاره أخرى,وهي في ذلك بصدد التمثيل لاالحصر,اللهم الا أن يقال –كرد على هذا الوجه-أن آية الأمن والخوف أقتصرت على ذكر الرسول وأولي الامر ,لأن موضوعها وهو الأمن والخوف مما يرجع فيه الى ولاة الامور ,وذكر الرسول هنا بما له من الولايه والحاكميه وليس بخصوصية النبوه والرساله,وقد أهملت ذكر لفظ الجلاله لأن الله لايرجع اليه في مثل هذه الأمور العاديه والأجرائيه,وهذا التأمل كما يضعف الرأي الثاني يؤكد الرأي الاول في المسأله أيضا.
    وأخيرا نصل الى عقده أساسيه من البحث,وهي من هم أولو الامر الذين تتحدث عنهم الآيه المباركه؟
    في البدء لابد من التوضيح بأن كلمة"الأمر"قد يراد بها الشأن,وقد يراد بها المعنى المقابل للنهي,وأولو الامر جماعه من الامه لهم موقع متقدم فبها بحيث يمتلكون أمرها ويسيرون شؤونها,وهذا المعنى واضح ,ولكن من هم هؤلاء الولاة للامور الذين تتحدث عنهم الآيه؟وهل كانوا موجودين على عهد الرسول أم أن الآيه تتحدث على نحو الحقيقه,فلا يشترط في صدق الآيه وجود أولي الامر في زمن صدورها ,وأنما أصدرت حكما على المسلمين في موضوع موجود فعلا وهو وجوب طاعة الرسول وأصدرت حكما آخر في موضوع مقدر الوجود وهو وجوب طاعة أولي الأمر؟
    والشيء الذي يمكن التوصل اليه هو أن أستعمال أسم الجمع"أولي الامر"لايلزم منه كون الآيه ناظره الى جماعه معينه موجوده في كل زمان ومكان,فربما كان المقصود به آحاد من الامه يتولون شؤونها واحدا بعد الآخر,كما هو الشأن في القضايا الحقيقيه التي قد تصاغ بلسان الجمع ويراد بها الافراد الموجوده فعلا ,والتي ستوجد ولو بكيفيه يكون وجودها واحدا بعد الآخر,ولهذا الاستعمال نظائر في القرآن الكريم كقوله تعالى(فلا تطع المكذبين)وقوله تعالى(ولا تطع أمر المسرفين)وقوله تعالى(انا أطعنا ساداتنا وكبراءنا)ففي مثل هذه الآيات لايفهم أنها ناظره حتما الى جماعه كانوا مكذبين أو مسرفين أو كبراء,ولا مانع من أن تكون ناظره الى آحاد يتقلدون الامر واحدا بعد واحد,نعم أستعمال الجمع في فرد واحد شخصي-على نحو القضيه الشخصيه خلاف الظاهر-ولكن ليس الامر هاهنا كذلك.
    وعلى هذا الاساس ندرك المفارقه التي وقع فيها الفخر الرازي في تفسيره ,عندما أعتقد أن المراد بأولي الامر لابد وأن يكون جماعه وهيئه مكونه من عدة أفراد ,وبنى على ذلك حجية الاجماع الصادر عن أهل الحل والعقد من الامه معبرا عنه باجماع الامه تاره واجماع أهل الحل والعقد تاره أخرى,كما آمن بعصمة أولي الامر,وهذه نقطه مشتركه بيننا وبينه الا أنه لايقصد بأولي الامر ما نقصده نحن,وعنده أن أولي الامر هم أهل الحل والعقد من علماء الامه.ويرد على هذا الرأي :أن القول بعصمة هؤلاء لابد وأن يفسر بأحد الاحتمالات التاليه,
    1/عصمة كل فرد منهم.
    2/عصمة الجماعه بما هي جماعه.
    3/أن المقصود بالعصمه هي ملازمه الصواب للجماعه عاده ,نظير ملازمه صحة الخبر لبلوغ المخبرين عنه حد التواتر.والاحتمال الاول واضح البطلان ,اذ يلزم منه أن تكون العصمه قد تحققت للأفراد اما قبل دخولهم للجماعه أو بعد ذلك ,فأذا كانت عصمتهم قبل الجماعه فما هو الدليل على ذلك ؟وأذا كانت بعد الجماعه فهذا يعني القول بالاحتمال الثاني,ولذا لايوجد قائل بعصمة أفراد أهل الحل والعقد.والاحتمال الثاني باطل أيضا ,لأن الجماعه بما هي جماعه ليس لها وجود خارجي زائد عن وجود الافراد ,فما معنى نسبة العصمه لأمر أعتباري ذهني لاوجود خارجي له.والاحتمال الثالث لايؤدي الى العصمه وأنما يؤدي الى ضآلة الخطأ في الآراء الصادره عن أهل الحل والعقد ,الى حد التسامح فيه وعدم الالتفات اليه,وهذا غير العصمه التي تعني عدم صدور الخطأ أصلا,ولو أن آراء أهل الحل والعقد معصومه دائما فهذا يعني عصمة كل النظم السياسيه القائمه على الشورى وتداول الرأي وقد يدعى أن عصمة أهل الشورى تحصل بتأييد ألهي وعنايه من الله سبحانه وتعالى ,ولكن هذا الادعاء باطل أيضا ,فما أكثر الهيئات الاجتماعيه والسياسيه الاسلاميه التي زلت في قراراتها بما جر على المسلمين قديما وحديثا المحن والمآسي ؟ولو كان الاسلام قد أعطى مثل هذه المنزله والكرامه لجماعة الحل والعقد لشاهدنا تأكيد القرآن عليها وأهتمام النبي –كما تساءلوا عن كثير من الامور الاقل أهميه والادنى درجه مما نحن بصدده-ولما تركت هذه المسأله غامضه ومبهمه.فكل هذه الاحتمالات باطله ولا أسلس لها,ويتعين بالتالي ما قالت به الاماميه من أن المراد هم أفراد معصومون من هذه الامه منزهون في أفعالهم وأقوالهم عن الخطأ والزلل,أما معرفة هؤلاء فهي موكوله الى الله ورسوله,وقد عينتهم آيات مثل آية التطهير وآية الولايه(أنما وليكم الله ورسوله...)كما شخصتهم أحاديث جمه مثل حديث الثقلين,وحديث الغدير,وأحاديث أخرى فسرت آيه أولي الامر بالأئمه الاثنى عشر,وقد وردت من طرق الفريقين:
    فمن طرق السنه ما عن تفسير مجاهد:أن هذه الآيه نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام حين خلفه الرسول بالمدينه فقال(يارسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟فقال ياعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال(أخلفني في قومي وأصلح)فقال الله(وأولي الامر منكم)قال علي أبن ابي طالب ولاه الله أمر الامه بعد محمد صلى الله عليه وآله وحين خلفه رسول الله صلى الله عليه وآآله فأمر الله العباد بطاعته وترك خلافه).
    عن ابراهيم بن محمد الحمويني وهو من أعيان علماء العامه في حديث"قال-يعني أمير المؤمنين عليه السلام-انشدكم الله أتعلمون حيث نزلت (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)وحيث نزلت(.....لم يتخذوا من دون الله ولارسوله ولاالمؤمنين وليجه)قال الناس:يارسول الله أخاصه في بعض المؤمنين أم عامه لجميعهم ؟فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولايه ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم فينصبني للناس بغدير خم ,ثم خطب وقال:ايها الناس اتعلمون أن الله عز وجل مولاي وانا مولى المؤمنين وانا اولى بهم من انفسهم ؟قالوا بلا يارسول الله,قال قم ياعلي,فقمت فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ,فقام سلمان فقال:يارسول الله ,ولاء كماذا؟فقال:ولاء كولايتي,من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه,فأنزل الله تعالى ذكره(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)فكبر النبي صلى الله عليه وآله وقال:الله أكبر تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي,فقام ابوبكر وعمر فقالا:هؤلاء الآيات خاصه في علي,قال بلى,فيه وفي أوصيائي الى يوم القيامه,قالا:يارسول الله بينهم لنا,قال:علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي,ثم أبني الحسن ثم الحسين ثم تسعه من ولدي الحسين واحدا بعد واحد,القرآن معهم وهم مع القرآن ,لايفارقونه ولايفارقهم حتى يردوا علي الحوض,فقالوا كلهم:اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت)فرائد السمطين:ج1ص314-315.
    وأما ما ورد عن الشيعه فروايات كثيره متواتره منها,
    صحيحة ابي بصير قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)فقال:نزلت في علي بن ابي طالب والحسن والحسين,فقلت له :ان الناس يقولون :فماله لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله عز وجل ؟فقال:فقولوا لهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة لم يسم الله لهم ثلاثا ولا رباعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك,ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل اربعين درهما حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك,ونزلت (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)في علي والحسن والحسين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه,وقال :أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فأني سألت الله عز وجل أن لايفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك ,وقال:لاتعلموهم فأنهم أعلم منكم,وقال:انهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلاله,فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته لأدعاها فلان وفلان).غاية المرام ص265-266ح3
    عن جابر بن يزيد الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد الله الانصاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمن أولوا الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟فقال:هم خلفائي ياجابر,وأئمة المسلمين بعدي ,أولهم علي بن ابي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه ياجابر فأذا لقيته فأقرأه مني السلام ,ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن ن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ,ذاك الذي يفتح الله-تعالى ذكره-عاى يديه مشارق الارض ومغاربها ,ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبه لايثبت فيها على القول بامامته الا من امتحن الله قلبه للايمان ,قال جابر:قلت له:يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟فقال:أي والذي بعثني بالنبوه ,انهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولائه في غيبته كأنتفاع الناس بالشمس وان تجلاها سحاب ,ياجابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علمه فاكتمه الا عن أهله)غاية المرام ص267ح10.
    وآخردعوانا أن الحمد لله رب العالمين,وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
    sigpic

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X