الى

العاشر من شهر رمضان تتجدّد أحزان النبيّ(صلّى الله عليه وآله)..

أنتِ المثـالُ وأنـتِ النبـلُ والشِيـمُ أنتِ الوفاءُ وأنـتِ الفضـلُ والكـرمُ
يا ربَّةَ الصَونِ في عِزٍّ وفـي شـرفٍ يا زوجةً فَخَرَتْ مِن صُنعهـا الأُمـمُ
شهِدَ شهرُ رمضان الكريم الكثيرَ من الأحداث التي كانت لها أصداءٌ ووقع في التاريخ الإسلامي بصورة خاصة والإنسانيّ بصورةٍ عامة، فمنه ما يحمل الفرح والسعادة ومنه ما يحمل الحزن والأسى، وأيّ مأساة تقع وتلمّ بالرسول(صلّى الله عليه وآله) تلك التي تزامنت مع مصيبة وفاة عمّه أبي طالب، ففي مثل هذا اليوم من عام (10) للبعثة النبوية الشريفة توفّيت السيدة خديجة الكبرى(سلام الله عليها) وعمرها 65سنة,وهي أفضل وأجلّ زوجات الرسول(صلّى الله عليه وآله), وأُمّ المعصومة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السّلام), وجدّة المعصومين الأحد عشر(عليهم السّلام).
وشهد بحقّها النبيّ(صلّى الله عليه وآله) حينما قال: (ما قام ولا استقام الدين إلّا بسيف عليٍّ ومال خديجة) لأنّها صرفت مالها الكثير في سبيل نصرة الإسلام، وسيبقى المسلمون دائماً وأبداً مدينون لهذه المرأة الطاهرة المضحّية التي شكّلت وكوّنت مع جهاد إمامنا علي بن أبي طالب(عليه السّلام) أهمّ المحاور القوية والمنطلقات الرصينة لنشر الدين الإسلامي وجعل رايته خفاقة تعلو ليومنا هذا.
فكانت وفاتها(رضي الله عنها) ذات أثرٍ بالغ ومصيبة عظمى ألمّت بالرسول(صلّى الله عليه وآله) وكانت وفاة السيدة خديجة(عليها السلام) وأبي طالب(عليه السلام) في عامٍ واحد قبل الهجرة بثلاث سنين، أي في السنة العاشرة من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشِّعْب، وكان رسول الله(صلّى الله عليه وآله) يقول: (ما اغتممت بغمٍّ أيام حياة أبي طالب وخديجة) فكانت السيدة خديجة للرسول ملاذاً وطمأنينة وسلاماً، فكانت تروِّح عن قلبه الهموم حين آذاه الكفار والمشركون كما نالها من شرورهم الكثير، وكانت له السكن والراحة والمودة والرحمة، وكانت الرأي الحكيم، وأجلّ وأبهى وأنصع صورة للمرأة الصالحة.
الرسول(صلّى الله عليه وآله) بشّرها بمكانها في الجنة ولمّا حضرتها الوفاة دخل عليها النبيّ(صلّى الله عليه وآله) فقال لها: (تكرهين ما أرى منك وقد جعل الله من الكره خيراً). وعند دفنها نزل الرسول(صلّى الله عليه وآله) في حفرتها وأدخلها القبر بيده الشريفة في الحجون. ولم تكن شُرّعت الصلاةُ على الجنائز.
وكفاها شرفاً ورفعة وعلوّاً أنّها في مقامٍ يغبطها عليه الملائكة المقرّبون، وأنّ جبرائيل(عليه السلام) أتى إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله) فقال: «يا محمّد، هذه خديجة قد أتتك فاقرأها السلام من ربّها، وبشّرها ببيتٍ في الجنّة من قصبٍ لا صخبَ فيه ولا نَصَب»، فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): «يا خديجة، هذا جبرائيل يُقرئك من ربّك السلام»، فقالت خديجة: الله السلام ومنه السلام وعلى جبرائيل السلام.
ومن وصاياها لرسول الله‏(صلّى الله عليه وآله) أنّه لمّا اشتدّ مرض السيّدة خديجة(رضي الله عنها) قالت: يا رسول الله‏ اسمع وصاياي:
أوّلاً: إنّي قاصرة في حقّك فاعفِني يا رسول الله. قال‏(صلّى الله عليه وآله): «حاشا وكلاّ، ما رأيتُ منكِ تقصيراً، فقد بلغتِ بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت أموالكِ وصرفت في سبيل الله مالَكِ».
ثانياً: أوصيك بهذه -وأشارت إلى فاطمة- فإنّها يتيمةٌ غريبة من بعدي، فلا يؤذينّها أحدٌ من نساء قريش ولا يلطمنّ خدّها ولا يصيحنّ في وجهها ولا يرينّها مكروهاً.
ثالثاً: إنّي خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين ‏نزول الوحي تكفّنني فيه. فقام النبي(صلّى الله عليه وآله) وسلّم الرّداء إليها، فسُرّت به سروراً عظيماً، فلمّا توفّيت خديجة أخذ رسول الله‏(صلّى الله عليه وآله) في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبطَ الأمين جبرائيل وقال: «يا رسول الله، إنّ الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا». فجاء جبرائيل بكفنٍ، وقال: «يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها».
فكفّنها رسول الله‏(صلّى الله عليه وآله) بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفنٌ من الله، وكفنٌ من رسوله.
فـ(السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ المؤمنينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زوجةَ سيِّدِ المُرسَلينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ فاطِمَةَ الزّهراءِ سيِّدَةِ نِسَاءِ الَعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أوّلَ المُؤمِنَاتِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا مَنْ أنفقتْ أموَلَـها في نُصرَةِ سيِّدِ الأنبياءِ ونصَرَتَهُ ما استطَاعَتْ ودَافعَتْ عنهُ الأعداءَ، السَّلامُ من اللهِ الجَليلِ، فهَنيئاً لَكِ بِمَا أولاكِ اللهُ مِنْ فَضْلٍ، والسَّلامُ علَيكِ ورحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ).
تعليقات القراء
1 | ابو موسى المالكي | الاربعاء 09/07/2014 | العراق
السلام على خديجة يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية ...اعظم الله الاجر لمولانا رسول الله بهذا المصاب الجلل
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: