الى

مزيج بين الإسلام والحضارة العراقية الأصيلة: أجواء عبادية مميّزة في عتبات كربلاء المقدسة بمناسبة عيد الربيع..

ساحة مابين الحرمين الشريفين
ظلّ أسلاف العراقيين يحتفلون بعيد الربيع في سومر وبابل وفي نينوى لحوالي ثلاثة آلاف عام حتى انتشار المسيحية(وكذلك في بلاد الشام)، لقد سمّاه السومريون(زكموك) وفي بابل ونينوى(اجيتو – حج : أي الاحتفال) أي عيد رأس السنة.
ويبدأ العيد في أوّل يوم من السنة الجديدة حسب التقويم العراقي الذي يُعتبر يوم المنقلب الربيعي ويصادف الآن(21 آذار)، هو اليوم الأول من شهر(نيشان - نيسان) أي يوم ظهور "نيشان" وعلامة الربيع.
تبنّت جميع الأديان السماوية في العراق والمشرق هذا العيد وفي جميع الحقب مع اختلاف بسيط في تحديد اليوم، وانتشر هذا العيد العراقي القديم لدى شعوب آسيا الآرية والتركستانية بعد سقوط بابل على يد الفرس (539 ق.م)، حيث اقتبسوا هذا العيد مع ما اقتبسوه من ميراث الحضارة العراقية العريقة من كتابة ولغة وعلوم وفنون ومعتقدات دينية، وقد بدأ الفرس يحتفلون به حسب السنة البابلية التي كانت تبدأ في أوّل نيسان وهو نفس تاريخ 21 آذار حالياً، والذي أطلقوا عليه في لغتهم اسم (نوروز - اليوم الجديد) وهي ترجمة شبه حرفية للتسمية العراقية (يومو نيشانو) أي (يوم التفتّح والتجدّد).
أمّا أتباع أهل البيت(عليهم السلام) فيحترمون هذا اليوم بسبب ما حصلت فيه من مناسبات مقدّسة عديدة، وقد تحدّث الإمام الصادق(عليه السلام) عن قدسية هذا اليوم، فقال: (...إنّ يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله فيه مواثيق العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يؤمنوا برسله وحججه وأن يؤمنوا بالأئمة(عليهم السلام)، وهو أوّل يوم طلعت فيه شمس وهبّت ‏به الرياح وخلقت فيه زهرة الأرض، وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح(عليه السلام) على الجودي، وهو اليوم الذي أحيى الله فيه الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله "موتوا" ثم أحياهم، وهو اليوم الذي نزل فيه جبرئيل على النبي(صلّى الله ‏عليه ‏وآله) وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله(صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله) أمير المؤمنين عليّاً(عليه ‏السلام) على منكبه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام فهشمها وكذلك ابراهيم(عليه السلام)، وهو اليوم الذي أمر النبي(صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله) أصحابه أن يبايعوا علياً(عليه السلام) بإمرة المؤمنين...).
ولكربلاء حصة الأسد من هذه الاحتفالات، وكأنّها تستذكر حاضرة العراق القديمة بابل، فهي كوربابل، وكوربئيل (قرب الله)، حيث يحرص المؤمنون من العراقيين والأجانب وخاصة الشعوب الآرية ومنهم الإيرانيون على الحضور الى هذه المدينة العراقية المقدسة ليشهدوا لحظات دخول العام الجديد وولادة الربيع وهم في رحاب عتباتها المقدسة ولكونه تصادف مع عطلة نهاية الأسبوع فقد شهدت المدينة المقدسة توافد عشرات الآلاف من داخل وخارج العراق ومن المتوقع بقائهم لثلاثة أيام إضافية أخرى .
وفي هذا العام دخلت السنة العراقية الجديدة في الساعة (7:57) دقيقة مساء يوم 20/3/2014 ميلادية الموافق ليوم 1/1/7314 بابلي كلداني، وتعالت في هذه الدقيقة من داخل العتبتين المقدستين أصوات الدعاء والضراعة الى الله بأن يجعلها سنة خير على المؤمنين في كلّ العالم، وهي تُردّد هذا الدعاء الوارد عن الإمام الصادق(عليه السلام) في يوم عيد النيروز: (اللُّهمَّ يا مقلّب القلوب والأبصار... يا مدبّر الليلِ والنهار... يا محوّل الحول والأحوال.... حوّل حالنا الى أحسن الحال).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: